عقد خلال الأسبوع الماضي الاجتماع السنوي ال 22 لأمراء المناطق، وخروجا عن النمط المألوف لمثل هذه الاجتماعات فقد صرح سمو ولي العهد بموافقة المقام السامي على مشروع الملك عبدالله لتطوير العمل بإمارات المناطق المسمى «ريادة»، وبذلك نأمل أن يكون هذا المشروع نواة لمرحلة جديدة من الأداء تختلف عن سابقتها لتواكب متطلبات واشتراطات الحاضر وتطلعات المواطن. لقد صدر نظام المناطق منذ وقت طويل واستمر على ما هو عليه تقريبا دون تعديلات أو إضافات مهمة، وكذلك استمر أداء الإمارات بذات الرؤية والفلسفة الإدارية القديمة رغم المستجدات في كل القطاعات الأخرى، وتداخلت أمور كثيرة نتيجة هذا الوضع لتؤدي إلى عدم الإنتاجية بذات المستوى الذي يطمح إليه المجتمع، وبالتالي أصبح ضروريا صدور مشروع التطوير الذي نأمل أيضا أن يؤسس في المستقبل القريب لتغيير شامل في الرؤية وآلية العمل والإنتاجية. الهدف الأساسي من مشروع التطوير هو تنمية المناطق، ومع أن هذا هدف نبيل إلا أنه فضفاض، ومع ذلك فإن الآليات التي ستحقق هذا الهدف كما ذكر في المشروع هي: توسيع صلاحيات أمراء المناطق، تطوير نظام التصنيف الإداري للمراكز والمحافظات، وتوسيع عمل وتفعيل دور مجالس المناطق. وبالفعل هذا ما نحتاجه الآن وبسرعة ولكن بشكل مدروس حتى لا يكون التغيير شكليا ويبقى المضمون كما هو. وبنظرة الى دور الإمارات ومهامها نجدها الآن تمثل النموذج المناطقي للدولة بكل أجهزتها ولكنها في ذات الوقت محدودة الصلاحيات في التخطيط والتنفيذ والإشراف المباشر على مختلف جوانب التنمية المادية والبشرية لديها. إنها ما زالت مرتبطة ارتباطا عضويا معقدا بوزارات الدولة وهيئاتها ومؤسساتها، لا تستطيع البت في أمورها بشكل نهائي عبر فروع الوزارات في المناطق، ولا تستطيع أن تقول الكلمة الأخيرة في كثير من شؤونها. وأما مجالس المناطق فإنها بحاجة لاستعادة ثقة المواطن في أداء الأشياء المهمة التي لها مردود على المنطقة، بدلا من اجتماعات ومحاضر روتينية تنتهي إلى لا شيء لأن هذه المجالس ليس لها صلاحيات ولا يؤخذ بما تقرره أو تقترحه لأنه ليس ملزما. ولعله يكون الوقت قد حان للذهاب أبعد من مشروع ريادة لتطوير أداء إمارات المناطق بالتفكير في مفاهيم الإدارة المحلية واستقلالية كل منطقة في مشاريعها التنموية ونمط إدارتها، بل إننا نحتاج إلى تغيير جذري في كثير من الأنظمة الراهنة.