تنبيه: هذه القصة خيالية ولكن مبنية على حقائق واقعية. إذا كان هنالك تشابه في الأسماء أو الأماكن فهو بمحض الصدفة البحتة. دخل رجل أربعيني (لنقل إن اسمه محمد) إلى عيادة جراح الكبد والقنوات المرارية، فإذا به يعاني من يرقان (اصفرار واضح على جلده وفي عينيه). «أتمنى أن لا تكون هذه مضاعفة أخرى لنفس عملية المنظار؟!» قال الجراح وهو يحادث نفسه سرا في الوقت الذي بادر محمد بالجلوس في العيادة. لم تكن إلا دقائق معدودة وبعض الفحوصات والأشعات ليتم تشخيص محمد بنفس المشكلة: قطع القناة المرارية الكبرى بالخطأ! تذكر الجراح أن زميلين من زملائه في نفس التخصص، ذكرا له مشكلة ارتفاع معدل هذا النوع من المضاعفات مؤخرا، مع أن معدل هذا النوع من المضاعفات لا يجب أن يتجاوز الواحد في الألف عملية!. للأسف أن مثل هذه القصص أصبحت ليست بالنادرة، في تخصصات مختلفة (جراحية وغير جراحية) لأمراض شائعة في المملكة. فهنالك أطباء قلب يعالجون أمراضا ليسوا مؤهلين لعلاجها، وهنالك أخصائيو أشعة يصدرون تقارير لأمراض لم يتدربوا على التعامل معها، بل وهنالك أخصائيو مختبر يتعاملون مع أمراض لا علم لهم بها...الخ!. السبب، من وجهة نظري، يعود إلى وجود أطباء وتقنيين غير مؤهلين (خصوصا في بعض المدن غير الرئيسية!) وإجراؤهم لعمليات (أو معالجتهم لأمراض) هم غير مؤهلين لعلاجها. الحلول تتلخص في التالي: - تفعيل دور لجان التفضيل والمؤهلات (Credentialing & Privileging Committee) في المستشفيات بشكل أفضل. - ربط السماح للأطباء بالتعامل مع الأمراض المختلفة بناء على مخرجاتهم وأدائهم المهني. - أن تقوم الهيئة السعودية للتخصصات الصحية بلعب دور أكبر في مراقبة أداء الممارسين الصحيين. - أن يقوم المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية (سباهي) بربط نتيجة الاعتماد الصحي بالمخرجات وأداء الممارسين الصحيين. - إنشاء لجان وطنية في التخصصات المختلفة (Peer Review) من الأكفّاء للقيام بزيارات تقييمية ومساعِدة للمستشفيات التي تعاني من نقص في الكفاءات المختلفة (خصوصا في المدن غير الرئيسية). أعود وأكرر (كما ذكرت في مقالات سابقة) أن القطاع الصحي السعودي لن يتمكن من حل هذه المشكلة وغيرها من المشكلات إذا لم يتم تفعيل التعاون المشترك والتنسيق بين مكوناته المختلفة من ممولين، ومنظمين، ومقدمين للخدمة الصحية (بقطاعيها الحكومي والخاص). في وجهة نظري، لن يتم هذا التفعيل بدون إعادة هيكلة القطاع الصحي السعودي تحت مظلة المجلس الصحي السعودي (مجلس الخدمات الصحية، سابقا) وتحويله إلى مجلس تنفيذي برعاية كريمة..