لقد شهد حقل الأشعة التداخلية في العقد الأخير تطورا باهرا حيث أصبح الخيار الأمثل في تشخيص وعلاج كثير من الأمراض في مختلف الأجهزة العضوية في جسم الإنسان وبالتعاون مع العلوم الطبية الأخرى. أما بالنسبة لطريقه عمل هذا النوع من التقنية فيكون من خلال إدخال قساطر (أنابيب) وأسلاك دقيقة داخل الشرايين أو الأوردة أو غيرها، تحت إرشاد من الأشعة، حيث يتم الوصول إلى العضو المطلوب ومن ثم تحقن المادة الملونة (الصبغة) وذالك لتشخيص هذا المرض بدقة متناهية، وبزوايا مختلفة، وبعد ذلك علاجه إن أمكن، باستخدام التقنية المناسبة لعلاجه مثل: (التوسعة بالبالون، زراعة شبكة دعامة، حقن مواد محللة للجلطات (التخثرات)، حقن بالصمغ أو الحبيبات، وضع لوالب، حرق بالكحول، أو حقن العلاج الكيماوي ومواد أخرى). ولهذا التخصص مزايا عديدة مثل: 1- قصر مدة الإقامة بالمستشفى. 2- إمكانية إجرائها دون الحاجة للتخدير العام في معظم الحالات. 3- ندرة الإصابة بأي ألم بعد الإجراء. 4- انخفاض نسبة الخطورة مقارنة بالخيار الجراحي. 5- الخيار العلاجي الوحيد في بعض الحالات. 6- نسبة مضاعفات أقل مقارنة مع التدخل الجراحي. 7- أقل تكلفة مادية في معظم الحالات. وينقسم هذا الحقل الطبي إلى أقسام عدة، وذلك حسب الجهاز العضوي المعني به، نوجزها بالآتي: @ الجهاز العصبي: وهو علم قائم بذاته، ويعنى بالدرجة الأولى بعلاج الأمراض المتعلقة بالشرايين والأوردة المغذية للجهاز العصبي في جسم الإنسان، حيث يتم الدخول إلى داخل الأوعية الدموية ومن ثم حقن المادة الملونة (الصبغة) وذلك لتشخيص الخلل الحاصل في ذلك الوعاء الدموي مثل (الجلطات الدماغية والنزف الدماغي، والتشوهات الشريانية والوريدية، والأورام الدماغية عالية التروية الدموية)، ومن ثم محاولة علاجها إن أمكن بالطرق المناسبة كما أسلفنا. كما ويمكن تسهيل الخيارات الطبية الأخرى كالجراحة والعلاج الإشعاعي، وذلك من خلال تقليل احتمال النزيف اثناء العملية الجراحية، أوبالتنبؤ المسبق باحتمالية حدوث مضاعفات من ذلك الإجراء الجراحي على الجهاز العصبي عند ذلك المريض. @ جهاز الأوعية الدموية في باقي أعضاء الجسم (ما عدا شرايين القلب)، مثل الكبد، الأطراف، الكلى، الأمعاء، الرئتين، ومختلف أعضاء الجسم الأخرى. ويحتمل هذا القسم الجانب التشخيصي، حيث يتم تحديد ابعاد وحجم هذا الخلل في ذلك الوعاء الدموي، ومن ثم الجانب العلاجي (سواء كان بالتوسعة او بحقن مواد خاصة)، كما رأينا في الجهاز العصبي. هذا ويشمل أيضا زرع القساطر المستخدمة للغسيل الخاصة بمرضى الفشل الكلوي، والقساطر المستخدمة لإعطاء العلاج الكيماوي للمرضى المصابين بالسرطان، ومختلف القساطر الوريدية الأخرى. @ الجهاز الهضمي: ويشتمل على عدة إجراءات، منها على سبيل المثال توسعه المريء بالبالون، وزرع دعامات المريء والقولون وزرع قساطر التغذية لمرضى الغيبوبة الدماغية وغيرها من الإجراءات الأخرى. @ جهاز الكلى والمسالك البولية: ويشتمل على إجراءات (تصريف) استسقاء الكلى عن طريق الجلد باستخدام انابيب خاصة، وتوسعة الحالب، وزراعة القساطر الداخلية للحالب، بالإضافة إلى تفتيت حصى الكلى بالمنظار عن طريق الجلد وبالتعاون مع جراحة الكلى والمسالك البولية. @ جهاز القنوات المرارية: حيث يتم تشخيص اعتلالات ومشاكل انسداد القنوات المرارية وتضيقها وتحديد سبب هذا التضيق سواء كان لوجود التهاب بالقنوات المرارية او وجود اورام ضاغطة على القنوات المرارية او حتى وجود حصى بالقناة المرارية، ومعالجتها في معظم الحالات، وذالك من خلال (تصريف) العصارة الصفراوية عن طريق الجلد باستخدام انابيب خاصة، أو إجراء توسعة للقناة المرارية أو زراعة الدعامات بالقنوات المرارية ان امكن. وبالإضافة إلى هذا كله هنالك إجراءات أخرى كثيرة تندرج تحت هذا التخصص، مثل علاج دوالي العقم عند الرجال، حقن العلاج الكيماوي المباشر داخل الشرايين المغذية لاورام الكبد، علاج دوالي الساق بالليزر، علاج كسور العمود الفقري، وغيرها من الإجراءات. ومن الجدير بالذكر، أن مثل هذا التخصص يتطلب تدريباً خاصاً ومهارة عالية لدى العاملين في هذا المجال، ليس على المستوى الطبي (الأطباء) فحسب، بل ويتعداه الى اخصائيي الأشعة والممرضين العاملين في هذا المجال ايضا. وفي نهاية هذا المقال لا نبالغ إذا أطلقنا على هذا التخصص اسم جراحة القرن الحادي والعشرين، حيث أستطاع هذا التخصص أن يدمج الطب بالتكنولوجيا الحديثة، والتي أضحت لا حدود لها. @ ممرض أول - قسم الأشعة التداخلية