تفكر وزارة التعليم في تطبيق نظام البصمة على المعلمين والمعلمات في مدارسهم وتظن أن هذا النظام سوف يضبط دوامهم ودوامهن وينعكس بالتالي إيجابا على مستوى الأداء ومن ثم على مستوى الطلاب والطالبات في جميع مراحل التعليم العام وربما العالي باعتبار الوزارة قد أمتحنت بتولي مسؤوليات التعليم كله من الروضة حتى الدكتوراه أو من المهد إلى قريب من اللحد!. وبطبيعة الحال فإن نظام البصمة يحتاج إلى تركيب جهاز واحد في كل مدرسة على أقل تقدير وكل جهاز يحتاج إلى تمديدات فنية وكهربائية وعشرات الملايين لشراء الأجهزة وربما بند لصيانتها بين الحين والآخر، وأن يبرمج الجهاز على بصمات كل معلم ومعلمة ليعرف أن الشخص نفسه هو الذي وضع بصمته وليس زميله فيقول له الجهاز: شكرا لك أو يأمره بإعادة المحاولة إن كان وضعه للبصمة غير سليم أو يظل يأمره بذلك إن أراد التحايل على الجهاز والبصيم نيابة عن زميله «الممسك بالمخدة» حتى ينكشف أمر احتياله عن طريق الجهاز!. ولكن هذه «الجلبة» كلها لا يمكن أن تحقق ما تصبو إليه الوزارة ولا أي جهة إدارية تطبق نظام البصمة للدخول والخروج، لأن الضمير يكون في جميع الأحوال قبل البصمة وبعدها ولو كان ذلك الضمير حيا لما احتاج أي موظف إلى من يراقب دخوله وخروجه لأنه يراقب الله في عمله ويحرص على أن يكون راتبه الشهري حلالا طيبا، وقد قيل من قبل «لو أنصف الناس لاستراح القاضي» !. لقد خبرت الحياة الإدارية ما يزيد على أربعة عقود مرؤوسا ورئيسا وعاصرت استخدام جميع أنواع أنظمة الدوام الرسمي من دفتر الدوام الذي يكون في مكتب المدير فتجده يوقع عليه من اليوم الذي قبله وقد يأتي متأخرا في بعض الأيام ولكنه حسب الدفتر أول من يحضر على مدار أيام العام!، ثم عاصرت ورقة الدوام وهي ورقة تسلم للإدارة في بداية الدوام وتسحب منها بعد نهاية الوقت الرسمي للحضور ثم تعاد إلى الإدارة في وقت الانصراف، ولكن هذه الوسيلة اخترقت أيضا عن طريق إدارة شؤون الموظفين، فجاء نظام الساعة ودق الموظف لكرته ليسجل ساعة حضوره وانصرافه فأخذ بعض الموظفين يدقون الكروت بعضهم لبعض في حضور مراقب الساعة وتغافله أو بغفلته فيسجل في كرت الموظف أنه حضر الساعة السابعة والنصف ولكن حضوره الفعلي يكون بعد العاشرة ومن قدم السبت لقي الأحد !!. أما البصمة فإن الباصم سيكون الموظف نفسه ولكن ماذا بعد التبصيم ؟، إن بعض الموظفين يرى أنه ما دام قد بصم للدخول فهذا كل ما هو مطلوب منه فهو إن بقي في الإدارة قضى وقته فيها لتبادل أطراف الحديث مع زملائه والدوران في الممرات والتسلي بالهاتف ووسائل الاتصال وتناول الافطار وقراءة الصحف وأكل «الفصفص» والتدخين في الزوايا ودورات المياه أو في مواقف سيارات المبنى وإن هو شعر بالملل استأذن وخرج فلا يعود إلا قبل بصمة الخروج بدقائق، مع وجود من يبصم للدخول ثم يخرج ليعود ويبصم للخروج!. أما بالنسبة للمعلمين وربما المعلمات فقد يكون خروجهم من المدارس صعبا لارتباطهم بالطلاب والطالبات والحصص، ولكن موتى الضمائر منهم لا يعدمون وسيلة لجعل الدوام بلا محتوى مفيد فلا حرص على التحضير ولا إخلاص في التدريس ولا متابعة للطلاب والطالبات ولا بأس من إغفاءة في منتصف اليوم الدراسي يتبعها بركعتين طويلتين من صلاة الضحى.. والطلاب في الفصل يتعاركون!.