كعادتها السنوية، رفعت صالات وقاعات الأفراح في عسير، أسعارها إلى الحد الأعلى، مما اعتبره الشباب والمقبلون على الزواج، تحديا وإشارة سلبية مفادها «من يستطيع يتزوج». لكن الشباب اعتبروا ما وصفوه بالغلاء الفاحش لهذه القاعات، ليس سوى طمع أصحاب الصالات، وغياب الرقابة التي تمنع مثل هذا الغلاء، مشيرين إلى أنه من المفترض أن تبادر الجهات المختصة لحسم الأمر، لكنها للأسف تغض الطرف عن هؤلاء، وكأن الاستثمارات الخاصة يجب ألا تخضع لأي نوع من الرقابة، مشيرين إلى أن الأمر يحتاج لمراجعة شاملة. لكن في الجانب الآخر اعتبر البعض ترسيخ مفاهيم التبذير والإسراف سواء في التأثيث أو وليمة العشاء لدى شريحة كبيرة في المجتمع، هي السبب في المغالاة لحفلات الزواج، والتي تؤدي إلى عزوف الكثير من الشباب عن الزواج وتزايد نسبة العنوسة لدى النساء، بعيدا عن قيمة تأجير صالات وقاعات الأفراح، فضلا عن التكاليف الأخرى مثل المهور. وقال الشاب منيع الحارثي إن فترة الصيف تحمل في طياتها الكثير من المناسبات، فلا يكاد تخلو ليلة في الإجازة، إلا وفيها حفل زواج، لكن الملاحظ أيضا افتراش الولائم وبطرق عشوائية وفوق المعقول، والتباهي بذلك، لكن هذا لا يمنع التأكيد على أن هناك مغالاة من صالات الأفراح، والتي يجب أن نجد لها حلا، ثم يتم تفعيل التوعية بشأن الإسراف، تماما مثل التوعية في غلاء المهور. لكن خالد البريك صاحب إحدى قاعات الأفراح بمدينة أبها يعترف بإختلاف أسعار الإيجارات من الشتاء للصيف، مبينا أن هناك طلبات من بعض العرسان هي السبب في التكاليف الإضافية، وقال: لكل عريس طريقته الخاصة في إقامة الحفل من حيث تقديم جميع الخدمات مثل عشاء الرجال والنساء والبوفيه المفتوح والعصائر مبينا أن قاعات الأفراح غالية بسبب تكلفة العمالة والكهرباء وأجهزة الصوت وارتفاع سعر المواد الغذائية كالشاي والسكر والماء، وكذلك العود والمنظفات التي تستخدم في تنظيف القاعة، وقليلا ما نجد تذمرا من بعضهم لأن العريس يريد أن تنتهي الليلة على خير بدون منغصات. ويلوم خالد الأحمري التبذير في الولائم، وقال: بعض الشباب يتباهون بطرق الولائم وافتراشها في المناسبات بصورة تدعو للنفور بخلاف المناسبات السابقة التي كانت مقننة وكانت كافية لكافة المدعوين ولكن ما نراه اليوم في بعض المناسبات يثير الاستغراب والدهشة وذلك نتيجة التبذير بصورة خيالية الأمر الذي يدفع بأصحابها إلى وضعها في حاويات النفايات مؤكدا على أن محاربة هذه الظاهرة ترجع إلى ثقافة مجتمع ولابد أن يحاسب الجميع وتوضع ضوابط شديدة اللهجة لمحاصرة هذه الظاهرة التي قد تهدد قيمة المجتمع وإنزال العقوبة. فيما يرى خليل عسيري أن الإسراف في الولائم لم نشاهده سابقا ولكنه في وقتنا الحالي بدأ يظهر بشكل ملفت حتى أصبح بعضهم يتسابقون في إعداد الولائم وذبح رؤوس الأغنام بشكل يدعو للوقوف عنده، مشيرا إلى أن من دوافع الناس لذلك يعود لسببين رئيسيين إما التباهي أمام المدعويين أو الجهل، مبينا أن البعض يعزف عن إقامة حفل زواجه في إحدى قاعات الأفراح الراقية في ظل سعيه لظهور مناسبته بطريقة لائقة. من جانبه بين الشيخ محمد بن فحاس رئيس جمعية البر بأبها أن الكثير من المقبلين على الزواج يقعون في الإسراف، والتبذير غير المقبول، ويجب على الجميع التكاتف لمواجهة تفشي هذه الظاهرة ووصولها إلى مراحل لا تحمد عقباها، مطالبا بتقنين هذه المناسبات من حيث عدد المدعوين إلى المائدة التي ستطرح لكي لا يكون هناك فائض في الطعام إضافة إلى التقليل من الحلويات والمعجنات التي تسبق الوليمة خاصة في ظل تزايد الطلب عليها بأعداد خيالية وبأرقام مبالغ فيها حتى كادت الوليمة أن تكون خاوية، ولا تلمسها الأيدي مشيدا بالدور الذي تقوم به الجمعيات الخيرية التي لا تألو جهدا في حفظ الفائض من الطعام وتبريده ومن ثم المبادرة في توزيعه على ذوي الدخل المحدود من المحتاجين والمعوزين. وأشار الشيخ حجر بن سالم العماري مدير فرع وزارة الشؤون الاسلامية بعسير، إلى أنه يجب غرس المفاهيم الصحيحة في التعامل مع المناسبات وزرع الثقافة الجيدة المتزنة التي تحارب ظاهرة الإسراف والبذخ من قبل الدعاة وأئمة المساجد وخطباء الجوامع والمعلمين. وأوضح العماري أن البعض في هذه الأيام يقومون بتحديد مواعيد المناسبة بموعد محدد مما ساهم في الحد من ظاهرة التفاخر في الموائد وتعددها معربا عن تمنيه في أن يتم تغيير العادات السلبية إلى إيجابية وكذلك يجب أن يكون للمؤسسات الاجتماعية الحكومية والخاصة دور مهم في معالجة العنوسة بتقديم المساعدات المالية والعينية وتجهيز مبدئي وبسيط للشباب وكذلك توعية الأسرة والمجتمع وتوضيح أضرار العنوسة الجسيمة التي تلحق حتى بالمجتمعات المحافظة على القيم والمبادئ ..