في كل مرة يطل فيها علينا الشاعر حسن عبده صميلي كصياد السمك يدهشنا بما تحمله السلال الشعرية من مباهج اللغة وفتنة الكلمات، مبحر بعدته وعتاده دون التفات لما حوله من سفن صديقة وإن تحفظت لجنة التحكيم في مسابقة أمير الشعراء على إيغاله في الرمزية إلا أنه يصر على التمسك بها إيمانا منه بأهمية الرمز كونه محرضا على التأويل.. وهنا نص حواره مع «عكاظ»: ألا ترى أنك تسببت في الخروج من مسابقة أمير الشعراء؟ انتهت رحلتي في برنامج أمير الشعراء، شاكرا كل من وقف معي، ومعتذرا ممن كان يريدني أن أكتب ما يتوافق مع منبرية المسابقة وخطابيتها، وأن أبتعد عن الشعرية في أقصى حالاتها، لقد عاهدت نفسي منذ اللحظة الأولى لي في البرنامج أن أكون أنا، وأن أقدم تجربتي ووعيي التام بالشعر مهما كانت النتائج، وحينها سيكسب الشعر حتى وإن خسر. لماذا الإصرار على الرمزية؟ ما زلت مؤمنا باللحظة الشعرية وبالجنون الأبدي الذي يدفعني للركض في مسافات الشعر والشعر فقط دون وقوف عند ما يريده الناقد أو المتلقي وأؤمن بتجليات النص الحديث وبقيمة الرمز فيه باعتباره مصدرا للأسئلة ولحالاتها المطلقة، ولأنني أرى الشعر من وجهة نظري في شكله الجديد يتجاوز الأفكار الجاهزة والرؤى ذات القضايا الإنسانية الباردة سأظل متمسكا ومصرا بأن الشعر يجب أن يلتقط دهشته من خلال الرؤية والتشكيل معتمدا على قيم اللغة واستلهاماتها، وعلى تجدد الرؤية. هل من داع للغموض في النص؟ الرمزية في القصيدة تحقق كينونة الذات وكينونة الآخر أيضا وهي أداة تنهض بالقارئ لتمنحه لذة العبور للنص ولذة التأويل والتمرد، إذ لم يعد المتلقي البسيط في دائرة اهتمامات الشعر الحديث لأن الشعر باختصار كائن متمرد على كل شيء، وهو كائن هلامي يعبث بنا ولا نعبث به. ألا تراعي قدرات المتلقي؟ إن أزمة المتلقي والقصيدة بين صعوده لها أو هبوطها له لا يجب أن تتسلل لذاكرة الشاعر الجديد، فمهمته أعمق من ذلك بكثير، على الشاعر أن يقترف ذاته في القصيدة من خلال اللغة دون وعي بالقارئ وباختياراته. ماذا أضاف لك برنامج أمير الشعراء؟ برنامج أمير الشعراء فسحة ضوء كبيرة يحتاجها كل الشباب المبدعين الذين تطمح ذواتهم أن تصل للبعيد البعيد، وربما جماهيرية أمير الشعراء واعتماده على المنبرية تجعل من الشعراء المشاركين يستخدمون المنهج التداولي في القصيدة بحثا عن استجداء تصفيق الآخرين وإعجابهم يوقع المسابقة في النظمية أو النمطية وهو ما أرفضه فالشعر يجب أن يهتم ببنيويته وأن يحتفظ بها مهما كان السبيل. ما جدوى المسابقات الشعرية وما أثرها على الشعرية؟ أعتقد أن البرامج الشعرية وأمير الشعراء تحديدا يشكل إضافة لكل شاعر مشارك فيه ويقدمه بسرعة للضوء ومن هنا يسارع الشباب بكافة مدارسهم الشعرية لاقتفاء البرنامج وخوض تجربته. ألا ترى أنك تمارس استعراضا لغويا في نصوصك كونك متخصصا في اللغة؟ لا أمارس قدراتي اللغوية توظيفيا، ولكن أمارس إيماني التام بالقصيدة وكيف يجب أن تكون وفقا لما أراه، وهذا هو منهجي الشعري الذي رسمته لنفسي منذ نضجي الشعري، ولن أقول إنه المنهج المهم ولكنه منهج يحقق قيمة الشعر من حيث طبيعة انزياحاته واتساع تشكيلاته ورؤاه. هل تخشى الخروج من مسابقة أمير الشعراء؟ الخروج من المسابقة وارد في كل مراحل المسابقة، وأتمنى أن أستمر في المسابقة لأني أشعر أن في داخلي مشروعا ظهر بعضه ولم يظهر كله ووفقا لكل ذلك ستظل القصيدة تراودني سواء بقيت أم خرجت.