أثارت مشاركة الشاعر عبدالله بيلا في مسابقة أمير الشعراء، جدلاً في مواقع التواصل الاجتماعي حول جدوى المشاركة في المسابقات التلفزيونية، وماذا يمكن للشعراء الشباب أن يحققوا من تلك المشاركات. ووصف بيلا مشاركته في «أمير الشعراء» بالمغامرة غير المضمونة. وقال في حوار مع «الحياة» إنه يؤمن بلا جدوى المسابقات الشعرية التلفزيونية. هنا نص الحوار: شاركت في مسابقة «أمير الشعراء» وقدمت مشاركة أشاد بها الكثير.. لكن كيف تقوِّم تجربة المشاركة خصوصاً أن هناك من يتحفظ على المشاركة في هكذا برامج، لا تخلو من خلط الشعر بالتسويق والتجارة؟ - تقدّمت للمسابقة في النسختين الماضيتين وتمت مراسلتي بقبول المشاركة المبدئية، ولكنني لم أشارك لأسباب خاصة. مشاركتي في النسخة الأخيرة من برنامج «أمير الشعراء» كانت مغامرة غير مضمونة النتائج، ومع إيماني التام بلا جدوى المسابقات الشعرية التلفزيونية حيث يحضر الشعر في مرتبةٍ متأخرة حين تتم مراجعة أولويات القائمين على هذه المسابقة، ولكنّ التحريض الإيجابي للمشاركة في المسابقة الذي وجدته من بعض الشعراء المشاركين في النسخة الماضية، إضافةً إلى الدعم الإعلامي الكبير الذي يلقاه الشعراء المشاركون وإظهارهم للجمهور وتعريفهم على التجارب الشعرية المختلفة، كل ما سبق شجّعني على المشاركة في المسابقة، مع إيماني التام بأنّ تجربتي الشعرية تسير وفق خطةٍ استشرافية لا أحب أن أحيد عنها أبداً. وأحمدُ للمسابقة أنها أوصلت صوتي للعالم وأخرجته من المحلية إلى الدولية. إضافةً إلى المكسب الإنساني والمعرفي وعقد صداقات مع الشعراء والشاعرات المشاركين في البرنامج. اخترت أن تلقي قصيدة هادئة وبعيدة عن النماذج الجماهيرية التي تحاول دغدغة حواس الجمهور الحاضر.. هل كان في الأمر رسالة ما؟ - كنت قد اخترت مجموعة من القصائد للمشاركة في الحلقة الأولى، ووقع اختياري على النص الذي ألقيته «محاولة للخروج إلي»، وهو اختيار شعري محض أردت من خلاله أن أعبّر عن ذاتي وحضوري الشعري بعيداً عما يحبه أو يطلبه الجمهور، ولاحظت وقت إلقاء النص أنّ النصّ لم يخذل الجمهور أيضاً فقد تفاعل الكثيرون من الحاضرين في المسرح بالنص شعراً وإلقاءً. أعرف أنّ النكهة الكلاسيكية للنص الشعري العمودي محبّبة جداً لدى الجمهور وجُل لجنة التحكيم، وهذه من الطوام الكبرى التي يعانيها الشعر الحديث، لأنّ الواضح أنّ سفينة الشعر الذي يُراد التسويق له تسير إلى الخلف. تشارك في مواقع التواصل الاجتماعي.. ألا ترى أن هذه الوسائل تؤثر في حضور الأديب عموماً والشاعر خصوصاً في الشعر والتأمل وتطفئ جمرة القصيدة قبل أن تبدأ؟ - الحضور الدائم في صفحات التواصل الاجتماعي يأخذ الكثير من الوقت، وقد أصبح الحضور أكثر طغياناً وإلحاحاً بعد انتشار الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، ولا شك أنّ هذا الحضور يؤثر في المبدع في نواحٍ كثيرة، وأخطرها القراءة والاستزادة المعرفية، ومِن ثمّ الإنتاج الأدبي، وقد لاحظت هذا الأثر في تجربتي مع صفحات التواصل الاجتماعي. يخبرني بعض الأصدقاء أنهم أصبحوا يعانون من القصيدة ال«ساندويتش» تلك التي ما إن يَشرعوا في كتابتها حتى تنتهي في مكانها، ودائماً ما يحدث هذا حين تكون الكتابة مقرونة بصفحات التواصل الاجتماعي التي تقتل الفكرة أو تختزلها بشكل يقلل من قيمتها الفنية والمعنوية. صدر لك قبل أشهر ديوانك الشعري الأول «تآويل ترابية».. كيف كانت تجربة النشر وما انطباعاتك تجاهها؟ - التجارب الأولى دائماً ما تكون مقرونة ببعض الإخفاقات، تقل وتزيد، ولكنها تظل إخفاقاتٍ يجب على الكاتب تلافيها في المرات المقبلة. بالنسبة إلى ديواني «تآويل ترابية» أعتبره تجربة تستحق أن أعتز بها على رغم بعض الملاحظات المتعلقة بالورق ونوعية الخط، وبتجاوز هذه الملاحظات أجد أنّ الديوان قد أثبت حضوره وجاءتني الكثير من الإشادات من الشعراء والأدباء الذين اطلعوا عليه، على رغم أنّ الديوان لم تُتح له فرصة الظهور الترويجي في السعودية كونه قد طُبع في المغرب ولم تُتح للدار الطابعة فرصة الحضور في معرض الكتاب السابق في الرياض. أظنّ تجربتي الأولى خطوة مهمة في طريقٍ طويلٍ جداً أرجو أن أظلَّ وفياً له ما استطعت. لكن.. متى اتقدت جمرة الشعر عندك؟ وكيف كانت البدايات؟ - أحببت الشعر والموسيقى وطربت إلى الألحان، وكانت تستهويني تلحينات مدرس الأناشيد في المرحلة الابتدائية، وأذكر أنني كنت أستمع بشغفٍ إلى بعض ما يُعرَض في التلفزيون من قصائد مصاحبة لبعض البرامج التلفزيونية، ولم أقف حينها عند الشعر الفصيح، بل كنت وما زلت أحفظ مقاطع من قصائد الشاعر خلف بن هذال التي ألقيت إبّان حرب الخليج الثانية، ولم أجرّب التعبير عن نفسي بالكتابة إلاّ في الصف الأول المتوسط وأصبحت أكثر إيماناً بجدوى ما أكتبه بعد أن نلت المركز الأول في مسابقةٍ شعرية مدرسية ذلك الزمن، وما زلت بعدها أكتب وأمحو وأحاول التعبير عن ذاتي من دون أن أُطلع أحداً من القريبين مني على ما أكتبه. تلك البدايات كانت كفيلة بتشكيل قاعدة لا بأس بها لخوض المجال الشعري، بخاصةً أنها كانت مصاحبة بقراءات شعرية متنوعة تتناغم مع الموجة الحديثة من الشعر العربي، وإن كان هناك اتقاد حقيقي لجمرة الشعر فيمكن لي أن أؤرخ لذلك بالتحاقي بجماعة منتدى الحرف المكي، والتي غيّرت نظرتي إلى الشعر وفهمي له بطريقة كبيرة. ما جديدك؟ - أنجزت قصيدةً ألحّت عليّ كثيراً عن مكة وسميتها «قمصان التأريخ في الأرض المقدسة». وسأرتب قريباً إن شاء الله مجموعتي الشعرية الثانية، متمنياً أن تجد طريقها إلى النور قريباً.