فتح ملتقى التراث العمراني الوطني الرابع الذي أقيم في منطقة عسير، قبل خمسة أشهر، آمال أهالي المنطقة في إعادة التراث العمراني إلى عسير، من خلال افتتاح كلية للعمارة بجامعة الملك خالد تخدم تراث المنطقة العمراني. وكان الملتقى حسب تأكيدات مدير عام فرع هيئة السياحة والآثار بعسير المهندس محمد العمرة، أبرز المكاسب الاقتصادية والثقافية لتسجيل المواقع التراثية في قائمة التراث العالمي، وتناول الآفاق المعاصرة والمستقبلية، ودور البلديات وهيئة السياحة والآثار في المحافظة عليها وتنميتها وتوثيقها واستثمارها في هذا المجال وفي مجال الفنادق، وتفعيل الحرف التراثية في تلك المواقع، والمحافظة على المساجد والأوقاف القديمة، ودور الإعلام في التوعية بأهمية التراث العمراني. لكن الأبرز بالنسبة للأهالي هو التطرق لتوفير تخصص في الجامعة يعتني بالتراث العمراني بشكل خاص. ويقول أستاذ السياحة والآثار المساعد بجامعة الملك خالد مدير فرع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بعسير الدكتور علي مرزوق: العولمة انحرفت بأفكارنا وأفقدتنا الهوية المعمارية، ونحن بهذا القول لا نريد العودة إلى الوراء ولا نرفض بالتالي الحداثة المعمارية، بل نحاول المواءمة بينهما بما يحقق الأصالة والمعاصرة، واستغلال عناصر بناء حديثة ومستدامة، ونظرا لما تشهده المملكة من تطور سريع وزيادة ملحوظة في معدلات النمو العمراني، فقد ظهرت أنماط وطرز معمارية حديثة، أدت إلى هجر تراثنا المعماري الذي ينبع من خصوصيتنا ويؤكد على تنمية شخصيتنا المعمارية بسمات محلية، مما يعمق من تجربة الانتماء إلى الوطن، ويكرس لمزيد من الثراء والوعي عند الإنسان السعودي. ويضيف: العمارة التقليدية بمنطقة عسير هي عمارة تعبر عن متطلبات شعب محافظ على هويته الإسلامية وعاداته وتقاليده نابعة من فكره وثقافته، لذا لا بد من العمل على تطوير هذا الإرث المعماري بتشجيع المواطنين والشركات والمؤسسات الهندسية على استخلاص قيمه الفنية والجمالية، وتوظيفها التوظيف الأمثل في العمارة الحديثة، وهذا في ظني لن يتأتى إلا بتضافر الجهود والعمل على تفعيل عدد من المبادرات، ومن أهمها: فتح كلية للعمارة بجامعة الملك خالد تخدم تراث المنطقة العمراني، وفتح مسارات جديدة للتراث الشعبي البصري، وما يرتبط به من مصنوعات تقليدية وزخارف شعبية في أقسام الفنون والتصميم والتربية الفنية أسوة بما هو معمول به في الجامعات العربية، إلى جانب توعية المواطنين، وتشجيع الباحثين والمختصين بإجراء الدراسات والبحوث التي تهتم بالتراث العمراني والقيم الفنية والجمالية والزخرفية المرتبطة به عن طريق دعمهم ماديا ومعنويا، ومن ثم الإفادة من نتائج هذه الدراسات في تفعيل البرامج والخطط التي من شأنها العمل على توثيق التراث العمراني وتأصيله والمحافظة عليه، ومن ثم العمل على توظيفه في العمارة الحديثة. ويضيف: من الأمثلة المعمارية المعاصرة التي استلهمت التراث العمراني بمنطقة عسير جامع الملك عبدالعزيز، وإمارة المنطقة، وقرية المفتاحة، ونادي أبها الأدبي، ومتحف عسير الإقليمي، وشركة الاتصالات السعودية، والغرفة التجارية، وفرع مبنى الخطوط الجوية العربية السعودية، ومستشفى الرحمة، والمستشفى السعودي الألماني، وغيرها. وأضاف ظافر بن حمسان (مالك قرية بن حمسان) الذي يحلم بتنظيم رحلات تراثية إلى القرى التراثية في عسير التي تصل إلى أكثر من 5 آلاف قرية، وإنشاء فندق تراثي للقروبات السياحية، إنه يجب الاستفادة من التجارب العالمية والعربية في إعادة تأهيل مواقع التراث العمراني لخدمة السياح، كما هو الحال في قرى المغرب بتحويلها إلى نزل ومقاه تراثية. وأضاف: من المهم استثمار الشكل القديم في البناء في مدن منطقة عسير، فالشكل الهندسي للبيت العسيري كان يراعي موضوع البرودة والحرارة والتهوية وحساباتها من كافة النواحي.