مما نشر إعلاميا ما يسمى بالأخطاء الطبية هو أن طلب أحد المرضى تعويضا قدره خمسون مليون مارك ألماني لسبب يبدو جديدا إن لم يكن غريبا وهو يتعلق بالوعي.. الوعي الكامل تحت البنج؟! فالمعروف أن المريض تحت البنج (المخدر العام) الذي يعطى أثناء العمليات يكون في تخدير كامل، يفصل وعيه عن جسده وعن الناس المحيطين به أنه لم يعد يعي ما يجري أو يقال، حتى حركة المشرط أو الملقاط وهما يعملان في جسده لا شعور بشيء. ولكن الذي حدث لصاحب الشكوى أنه كان على وعي تام بما جرى وحدث له أثناء العملية كان على (سمع وحس) فقد سمع كل ما قيل في غرفة العمليات؟ سمع التعليقات والنكت و.. و.. إلخ. ولقد أحس بالمشرط يجري هنا وهناك في جسده وشعر بالشد والضغط وكل خطوات العملية. ولكن كما قال أراد أن يصرخ.. أراد أن يتحرك.. أراد أن يقول للناس لمن حوله أنا هنا أحس وأسمع.. لكن يبدو أن المخدر عمل في جسده شيئا واحدا وهو تخدير أعصاب حركة العضلات ولم يؤثر على قدرته على الوعي والإدراك. عرض موضوعه على أساتذة التخدير والمختصين الذين أفادوا بأن هناك حالات نادرة جدا لا يستطيع البنج (المخدر) أن يؤثر على الوعي ويخدره؟.. وأن المريض في مثل هذه الحالة يحس ويسمع ويعي كل ما يدور حوله. ولقد حدثت معي شخصيا حالة مثل هذه.. فلقد روت لي المريضة فيما بعد معظم ما قلناه وتحدثنا به أثناء العملية، ولحسن الحظ كانت كل تعليقاتنا وأحاديثنا مؤدبة. ولما سأل القاضي صاحب الشكوى عن سبب طلبه هذا التعويض المالي الكبير قال المريض إنه أصيب بصدمة نفسية نتيجة لذلك، فهو على حد قوله يتذكر ليليا ما حدث له، مما يجعل النوم يطير ويمضي لياليه في شقاء.