شدني الخبر المثير، حول موافقة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، على صرف مكافأة تشجيعية تقدر بقرابة خمسة ملايين ريال ل 193 موظفا من منسوبي ديوان المراقبة العامة، الذين أدى اجتهادهم ويقظتهم خلال العام المالي المنصرم، إلى اكتشاف صرف مبالغ من قبل عدد من الجهات الحكومية المشمولة برقابة الديوان دون وجه حق، أو الالتزام بصرفها دون سند نظامي. الإثارة ليست في المكافأة لموظفين يستحقون بلا شك، نظير جهدهم وتفانيهم، ولكن لأنهم نجحوا في توفير أكثر من نصف مليار ريال، لصالح خزينة الدولة، وإنقاذ مبالغ طائلة من أموال الدولة من الضياع هباء. السؤال المهم الذي يطرح نفسه بشدة، إنه إذا نجح موظفو ديوان المراقبة في توفير مثل هذا المبلغ الضخم.. فلا شك أن هناك مليارات أكثر لم يتم اكتشافها أو ضبطها واستعادتها وتوفيرها.. فماذا عنها؟ وكيف يمكن تلافي مثل هذا الهدر مسبقا؟. للأسف، سمعنا كثيرا عن هيئة مكافحة الفساد، وانتظرنا طويلا نتائج فعلية وواقعية لمواجهات بعض التصرفات غير المسؤولة، في العديد من المؤسسات والجهات الحكومية، والتي تؤثر بشكل كبير على مجمل المشاريع الوطنية.. والتي للأسف أيضا تعرقل خطط التنمية والنهضة في بلادنا. علينا أن نعترف بوجود أوجه قصور في عمليات المتابعة والرقابة، وخاصة ما يتعلق بالإنفاق الحكومي وسبل ترشيده أو صرفه في الأوجه المستحقة، وهذا ربما يكون سببا رئيسا في تعثر بعض المشاريع التنموية، وتأخر تنفيذها، وعلينا أن نعترف بالمقابل، بأننا في حاجة شديدة لتفعيل محاور المراقبة والمتابعة الشديدة لكل المشاريع، خاصة أن المملكة ترصد ميزانيات قياسية لدعم محاور التنمية في كافة المناطق وكافة المجالات.. ومع ذلك فإن المواطن لايزال يشكو من قصور في العديد من المؤسسات الخدمية. وقد يكون خطاب خادم الحرمين الشريفين للمواطنين، قبل أسبوعين تقريبا، قد لامس هذا الأمر، من خلال توجيهه الكريم «بمراجعة أنظمة الأجهزة الرقابية بما يكفل تعزيز اختصاصاتها والارتقاء بأدائها لمهامها ومسؤولياتها، ويسهم في القضاء على الفساد، ويحفظ المال العام، ويضمن محاسبة المقصرين».. إيذانا ببدء مرحلة جديدة في مسيرة العمل الحكومي، نستطيع من خلالها تفعيل كل الأنظمة الرقابية، وفرضها بشدة وحسم لتكون أسلوب حياة وعمل، نأمل أن تؤدي الدور المطلوب منها، في خدمة المواطن، وحفظ ممتلكات الدولة والوطن..