أكد مختصون أن اتخاذ قرار بشأن زيادة سعر الفائدة على الودائع المصرفية بالريال السعودي سيؤدي إلى خفض معدلات التضخم، وبالتالي إعادة الأسعار تدريجيا إلى وضعها الطبيعي في السوق المحلية. وأشاروا في الوقت ذاته إلى أن سوق الأسهم السعودية لن يتضرر من هذا الإجراء لعدة اعتبارات، فيما ستكون القروض في معدلات أقل بكثير من السابق. يأتي هذا في الوقت الذي يراقب فيه الاقتصاديون ما سينجم عنه اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المزمع عقده في تمام الساعة التاسعة من مساء اليوم بتوقيت المملكة. وأفادوا بأن العديد من العملات المرتبطة بالدولار الأميركي ستكون مضطرة لمجاراة العملة الخضراء، ورفع سعر فائدتها في حال أقر المجلس الفيدرالي الأميركي رفع سعر الفائدة على الدولار، وأشاروا إلى أن عدم الاتساق مع قرار رفع سعر الفائدة قد تكون له كلفة عالية، بسبب تعريض تلك العملات لمضاربات شديدة في الأسواق المالية؛ قد تؤدي نتائجها إلى حدوث تأثيرات كبيرة؛ مستشهدين بما حدث في سنوات سابقة لبعض الدول إبان تأخرها في تصحيح سعر الفائدة بما يتناسب مع ما جرى تنفيذه على الدولار. وحول هذه المعطيات، توقع الخبير الاقتصادي فضل البوعينين حدوث رفع تدريجي لأسعار الفائدة الأميركية، مؤكدا أن سياسة الفائدة الحالية قد حققت أهدافها بعد أن بدأت بعض المؤشرات تؤكد على تعافي الاقتصاد الأمريكي. وقال: ظهرت الكثير من المؤشرات التي تفيد بإمكانية حدوث ارتفاع في نسبة التضخم، لذلك نتوقع ظهور تلميحات بشأن تغيير أسعار الفائدة الأميركية؛ إلا أنها في بداية الأمر لن تكون قوية لكن بمجرد البدء فيها ستدخل في سلسلة ارتفاعات مستمرة على المدى المتوسط والبعيد، حتى يكون ذلك متناسقا مع التضخم الذي نجم عنه ظهور تعاف كبير للاقتصاد استطاع من خلاله صناعة الكثير من فرص العمل. وعن ارتباط سعر صرف الريال السعودي بالدولار والتأثيرات المتوقعة؛ قال البوعينين: من المعروف أن هناك ارتباطا بين العملتين؛ لذلك نتوقع أن يسفر عن هذا التناغم تغير في أسعار الفائدة على الريال في حال زادت أسعار الفائدة على الدولار بشكل نسبي، باعتبار أن الارتفاع سيكون محدودا في بداية الأمر. ومضى يقول: الاقتصاد السعودي بشكل عام يحتاج حاليا إلى تدخل سياسته النقدية بما يساعد على خفض التضخم لأننا نعاني في السوق المحلية من ارتفاع عال في نسبة التضخم؛ وهذا لا يمكن السيطرة عليه إلا من خلال السياستين المالية والنقدية، لذلك لا أعتقد أن الارتفاع النسبي سيشكل مشكلة للسوق السعودية كوننا في أمس الحاجة إلى إجراء علاجي. وحول تأثر القروض بمختلف أنواعها، قال البوعينين: هذا الارتفاع سيؤثر على المقترضين بشكل عام، وسينعكس أثره على القروض الجديدة، أما القروض السابقة فلن يحدث عليها تغيير، كما أن التأثير سيصل إلى بعض القطاعات الخاصة، كالقطاعين التجاري والصناعي، اللذين يعتمدان في العديد من المشاريع على القروض والتمويلات وذلك نتيجة لارتفاع كلفة القرض. وأشار إلى أن هذه الأمور تقف أيضا على التسهيلات المصرفية التي تقدمها البنوك، في حال تم رفع سعر الفائدة على الريال السعودي، خاصة في ما يتعلق بالتفاصيل التي تدخل في إطار ما يعرف ب(الجاري مدين). وعن تأثر القروض العقارية، قال: إن وصول زيادة سعر الفائدة إلى 0.50 نقطة أساس سيسهم في رفع كلفة القروض العقارية، ما قد يحد من الطلب على الاقتراض، لذلك فإن الفترة الحالية يمكن تسميتها بالفترة الذهبية للاقتراض (إذا صح التعبير). التناغم الحركي مطلوب وعن إمكانية قدرة الريال في عدم إحداث أي زيادة في سعر الفائدة، قال إن الارتباط بعملة أخرى يحتاج دائما إلى سياسة تناغمية واتساق، حتى لا يحدث فجوة تكون كلفتها عالية لكن هناك هامشا للمناورة البسيطة، لكن لا بد من التأكيد على أن التضخم الموجود حاليا في السوق السعودية وارتفاع كلفة المعيشة بات في حاجة إلى رفع سعر الفائدة على الريال من أجل العمل على امتصاص جزء من هذا التضخم والتخفيف من معدله؛ مشيرا إلى أن النتائج التي ستسفر عن الزيادة ستعطي بعدا إستراتيجيا للقطاعات المنتجة يساعدها على استشراف المستقبل، ما يؤدي إلى خفض التضخم بشكل تدريجي. وتطرق في حديثه إلى فوائد سياسة الارتباط مع الدولار الأمريكي وأن ذلك لا يمنع وجود بعض السلبيات؛ فقال: في فترة من الفترات اتجه الاقتصاد الأميركي إلى الانكماش في وقت كان الاقتصاد السعودي في عنفوانه وقوته؛ فاضطرت أميركا حينها إلى خفض أسعار الفائدة على الدولار بهدف تحقيق النمو في الاقتصاد، في المقابل اضطر الريال بحكم الارتباط إلى تنفيذ هذا الإجراء بالرغم من أن الاقتصاد السعودي لم يكن حينها في حاجة إلى خفض سعر فائدة الريال، بل كان في حاجة أكثر إلى المحافظة على مستويات سعر الفائدة المسجل حينها للحد من التضخم. أداة في السياسة النقدية وفي تسليط للضوء أكثر على مسألة رفع سعر الفائدة، قال عضو لجنة الاقتصاد السعودية عصام خليفة إن رفع سعر الفائدة يعد واحدا من الأدوات التي يلجأ إليها البنك المركزي للتحكم في عرض النقد في التداول من خلال تغيير هذا السعر صعودا ونزولا على المدى المتوسط، مشيرا إلى أن رفع الفائدة يعني خفض عمليات الاقتراض، وبالتالي تقليل نسبة السيولة في السوق، بما يؤدي إلى خفض نسبة التضخم والحد من ارتفاع الأسعار. وأفاد أن أسعار الفائدة يمكن تحديدها بناء على قوى العرض والطلب، وقال: إذا ارتفعت معدلات طلب النقود على ما هو معروض من أموال؛ فإن ذلك يقود إلى ارتفاع أسعار الفائدة، وفي الوقت ذاته سيعمل على تخفيض معدلات الإقراض. وتابع قائلا: من المعروف أن تحسن معدلات النمو الاقتصادي يؤثر سلبا على معدلات التضخم بسبب زيادة حجم النقود في السوق؛ لذلك تحاول البنوك المركزية إبقاء هذه المعدلات في مستوى مقبول اقتصاديا، ثم تلجأ إلى استخدام أدوات عديدة، منها رفع أسعار الفائدة لخفض السيولة في السوق، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع أسعار السلع والخدمات لمعدلاتها الطبيعية. وأكد على أن الأسواق العالمية بما فيها السوق الأمريكي تتأثر برفع سعر الفائدة، باعتبار أن كثيرا من المستثمرين والشركات المساهمة في هذه الأسواق يعتمدون وبشكل كبير على القروض في تمويل مشاريعهم وأنشطتهم الاقتصادية، مضيفا أن قرار البنك المركزي الأمريكي برفع سعر الفائدة سيؤدي إلى خفض هامش الربح لهذه الشركات، وسينعكس ذلك سلباً على أسعار الأسهم.وتطرق إلى إمكانية لجوء مؤسسة النقد العربي السعودي إلى رفع سعر الفائدة في خطوة مشابهة لقرار البنك المركزي الأمريكي، وقال: هذا الإجراء يقوم على عدة أسباب، منها ارتباط سعر صرف الريال السعودي بالدولار الأمريكي، وبالتالي يكون الهدف هو الحد من الضغط على الريال السعودي لخلق عملية توازن بين سوق الأسهم المحلية والسيولة المتوفرة كودائع، لكن هذا القرار لن يؤثر سلباً على سوق الأسهم السعودية، بسبب اعتماد معظم المتعاملين في سوق الأسهم على مدخراتهم الشخصية لتمويل أنشطتهم الشخصية، وكذلك لاعتماد سوق الأسهم على المضاربة بشكل كبير. في المقابل كشفت ل(عكاظ) مصادر مطلعة أن وزارة المالية ومؤسسة النقد السعودي لديهما كافة الأدوات التي تساعدهما على اتخاذ القرارات المناسبة بشأن كل ما يتعلق بالريال السعودي، وأن تلك القرارات ستكون مبنية على أسس اقتصادية متينة، تراعي فيها كافة الظروف بما يساعد على حماية كافة الاقتصادات داخل السوق المحلية.