طالب اقتصاديون بوضع سعر صرف تشجيعي لأسعار الواردات الغذائية من قبل مؤسسة النقد ليكون هناك سعر صرف خاص للصفقات الغذائية والسلع الأساسية في حدود 3.75 ريالات كإعانة واردات غذائية لتخفيض منتجات الأغذية كما تفعل كثير من دول العالم. وأشاروا ل"الرياض " الى أن تغذية التضخم جاءت في الدرجة الأولى من السياسة المالية وبدرجة أقل من السياسة النقدية، مع الأخذ في الاعتبار التأثير المتراكم لانخفاض سعر صرف الريال كنتيجة مباشرة لانخفاض الدولار، ثم ضعف الرقابة التي تسببت بشكل مباشر في غلاء المعيشة وارتفاع معدلات التضخم في المملكة. وسجل التضخم في المملكة ارتفاعا بنسبة 5.4% في فبراير مقارنة بالشهر ذاته من 2011، ليسجل أعلى مستوى منذ ديسمبر 2010. وقررت مؤسسة النقد أن تبقي أسعار الفائدة الرئيسة غير متغيرة في شهر مارس، مع السيطرة على ضغوطات التضخم، معلنة عن تمسك المصارف السعودية بمعدل الريبو العكسي عند 0.25%، ومعدل الفائدة لإعادة الشراء عند 2%. وقال المستشار الاقتصادي فضل البوعينين: كان متوقعا ألا تحدث "ساما" أي تغيير على أسعار الفائدة خلال شهر مارس، حيث إن أدوات المناورة باتت محدودة بعد أن ثبت البنك الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة على الدولار. وأضاف أن أسعار الفائدة على الريال ستبقى متوافقة مع فائدة الدولار بسبب الارتباط النقدي؛ وأي محاولة للسيطرة على التضخم لن تكون من خلال أسعار الفائدة، بل من خلال رفع حجم ودائع البنوك النظامية لدى المؤسسة، أو إصدار الصكوك التي تساعد كثيرا في خفض حجم السيولة المتاحة. وأشار البوعينين إلى أن الاقتصاد السعودي لا يتجاوب بعقلانية مع متغيرات الفائدة، فلم يحد ارتفاع الفائدة من الطلب على الائتمان، ولم يتسبب خفض أسعار الفائدة في نموه، والنمو الأخير جاء كنتاج مباشر للحاجة في قطاعي الشركات والأفراد، وهذا عيب في تعامل المستهلكين مع القروض، بعكس المجتمعات الغربية التي تتأثر بحساسية مفرطة تجاه أسعار الفائدة، ومع ذلك لا يمكن إغفال أهمية ضبط السياسة النقدية، وتفعيل أدواتها بما يكفل السيطرة على التضخم . د علي التواتي وأكد أن كبح جماح التضخم يحتاج إلى ضبط السياسة المالية، وخفض الإنفاق الحكومي بما يساعد في خفض نسب التضخم المنفلتة، فمن الناحيتين النظرية والواقعية تؤثر السياستان المالية والنقدية سلبا وإيجابا في مستوى التضخم المحلي. واعتبر البوعينين ان تغذية التضخم المحلي جاءت في الدرجة الأولى بسبب السياسة المالية وبدرجة أقل السياسة النقدية، مع الأخذ في الاعتبار التأثير المتراكم لانخفاض سعر صرف الريال كنتيجة مباشرة لانخفاض الدولار، ثم ضعف الرقابة التي تسببت بشكل مباشر في غلاء المعيشة. من جانبه، قال المستشار الاقتصادي الدكتور علي التواتي: الإنفاق الحكومي الكبير يعتبر احد ابرز تحديات السياسة النقدية في العام الحالي وهو بمثابة الوقود للتضخم , والتحدي الأهم للاقتصاد السعودي هو مدى قدرة السياسة النقدية الموازنة بين الإنفاق الحكومي الكبير والمحافظة على معدلات تضخم متدنية في السوق المحلي. وبين أن التحدي الثاني للسياسة النقدية يتعلق بارتباط الريال بالدولار حيث إن التذبذبات الكبيرة في أسعار العملات تنعكس على القرارات المتعلقة في الموازنة من ناحية العجز والفائض لأن الميزانيات تبنى بالتوقعات. واضاف أن التذبذب في أسعار العملات يعتبر أمراً مقلقاً لصناع السياسات النقدية والمالية التي تنعكس على أسعار الواردات, مطالبا بوضع سعر صرف تشجيعي لأسعار الواردات الغذائية من قبل مؤسسة النقد بحيث يكون هناك سعر صرف خاص للصفقات الغذائية والسلع الأساسية بحدود 3.75 ريالات كإعانة واردات غذائية لتخفيض منتجات الأغذية على المواطنين وهو ما تعتمده كثير من دول العالم بخفض أسعار الواردات الاساسية عن طريق أسعار الصرف.