أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكةالمكرمة الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن والابتعاد عن معاصيه وابتغاء مرضاته والفوز بجنته والنجاة من ناره. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس: إن كثيرا من الناس احتار في معرفة السبب الباعث على ما يرون من انحراف بعض الخلق عن الجادة وعن صراط الله المستقيم إلى إتباع السبل التي تفرقت بهم عن سبيل الله ومخالفة الهدي النبوي البين والحق الواضح والصريح في منهج أهل السنة والجماعة وطريق الأئمة أهل القرون المفضلة التي شهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخير قال صلى الله عليه وسلم: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم»، فإن الذين أوتوا العلم والإيمان من محققي العلماء والراسخين في العلم منهم يقفون عند هذه القضية موقف البصير بها المهتدي إلى حقيقتها العالم بوجه الصواب فيها والدال على أسبابها والبواعث عليها فبينوا لنا البيان الشافي الذي يشفي كل علة ويقطع كل عذر. وأوضح أن أقوى أسباب الانحراف الذي أورث أهله خطيئتين عظيمتين هما الجراءة على الدم الحرام والاستهانة به وعدم الاكتراث بما ورد فيه من الوعيد الشديد والثانية هي الولع بتكفير المسلمين والولوغ فيه والمسارعة إليه بغير بينة ولا فقه ولا خشية من الله، مشيرا إلى أن من أظهر وأقوى أسباب هذا الانحراف هو مشاقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتباع غير سبيل المؤمنين وذلك هو الذي نهى عنه الله عز وجل وحذر منه وتوعد مرتكب هذا الانحراف بأن يصليه نار جهنم. وأكد أن مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسبل المؤمنين هو منشأ ضلال وانحراف طوائف كثيرة في ماضي الأيام وحاضرها، وذلك أنهم لم يلتزموا باتباع سبل المؤمنين وفهم الكتاب والسنة وفهم نصوصهما فهما صحيحا فركبوا عقولهم واتبعوا أهواءهم وزينت لهم آراءهم فأوبقهم ذلك أدهى المصائب وأدى بهم إلى أخطر العواقب فكان جزاء وفاقا على خروجهم على ما كان عليه سلف الأمة وخيارها وفي الطليعة منهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين عدلهم القرآن الحكيم وزكاهم وشهد لهم نبي الله صلى الله عليه وسلم بالخيرية والأفضلية والمنزلة الرفيعة، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا من هي يا رسول الله قال الجماعة»، وفي رواية ما أنا عليه وأصحابي. وبين الشيخ خياط أن نبي الأمة صلوات الله وسلامه عليه بين أن علامة الفرقة الناجية أن تكون على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى ما كان عليه أصحابه من بعده، وعليه فإنه لا يجوز أن يقتصر في فهم الكتاب والسنة على تلك الوسائل والعلوم التي اشترط العلماء العلم بها لمن تصدى لبيان معاني الكتاب والسنة مثل معرفة اللغة والتمكن من وصولها وقواعدها ومعرفة الناسخ والمنسوخ وغير ذلك، بل لا بد من الرجوع في ذلك إلى ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا أخلص الأمة لله بعد نبيها صلى الله عليه وسلم في العبادة وأفقه الخلق في معاني الكتاب والسنة وأعلم العباد بمعاني التنزيل. وأكد فضيلته أن للصحابة فهما في القرآن يخفى على أكثر المتأخرين كما أن لهم معرفة بأمور من السنة وبأحوال الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعرفها أكثر المتأخرين فهم شهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم وتنزيل القرآن وعرفوا من أقواله وأفعاله وأحواله صلى الله عليه وسلم بما يستدلون به على مرادهم ما لم يعرفه أكثر المتأخرين. وقال فضيلته: إننا إذا أردنا أن نفهم عقيدتنا ونفهم عبادتنا وأخلاقنا وسلوكنا فلا بد أن نعود إلى سلفنا الصالح لفهم هذه الأمور التي يتحقق من فهمها العمل بمقتضاها حتى نكون من الفرقة الناجية التي تتبع سنة النبي والعمل بها، مبينا أن ضلال الطوائف واختلافها قديما وحديثا سببه عدم فهمهم وإدراكهم الصحيح لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح ومن هؤلاء الطوائف الخوارج قديما وحديثا. ودعا فضيلته إمام وخطيب المسجد الحرام إلى إتباع السلامة بالبعد عن الفتن والشرور كافة ومنها فتنة التكفير واستباحة الدم الحرام. وفي المدينةالمنورة، تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي عن مرحلة الشباب من عمر الإنسان، وأهمية الاستفادة منها في طاعة الله عز وجل، واتخاذ عمل مشروع ينتفع به الشاب، ويفيد أسرته ومجتمعه وأمته. ووصف فضيلته في خطبة الجمعة، أمس، الشباب بعهد الحيوية، وعصر العطاء، وفيها لذة العبادة، موردا مواقف خالدة سجلها التاريخ لثلة من الشباب الذين عرفوا ربهم، واستمسكوا بدينهم، فخلد القرآن ذكرهم، فقال الله عز وجل «قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم». وقوله تعالى عن أصحاب الكهف، «إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا». كما أن الشباب من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، في قوله صلى الله عليه وسلم: وشاب نشأ في طاعة الله. وأضاف الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي أن الشباب عدة الأمل، وأمل المستقبل، ولهم مكانة في الإسلام، والشباب إشعاع مؤثر على المجتمع، وعزم وقوة، ونشاط وفتوة، تقتضي هذه الصفات أن يقود الشاب حياته قيادة شخصية حكيمة، تضبط النفس، وتكبح جماحها، وتوجهها إلى الخير والفلاح، وترسم لها أهدافا طموحة، يرتقي بها إلى سلم المجد، وتجعل لها دورا في الحياة ورسالة على الأرض. واستطرد فضيلته، وإذا اضمحل الهدف في حياة الشاب، غدت حياته تافهة، واهتماماته لقوله سبحانه، «وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون». وبين فضيلته أن الوقت هو أغلى ما يملكه الشاب في حياته، وفيه يغرس آماله ويحقق أهدافه، بعلم نافع، وعمل صالح، وعبادة وطاعة، وثقافة مفيدة، وفي مشاريع مثمرة، وإنتاج مزهر، وأعمال تقوم سلوكه، وترتقي بحياته، وحرف تقوي نهاره، ومهن يبني بها مستقبله، مضيفا أن الوقت إذا خلا من الأهداف العليا، تسللت الأفكار الطائشة إلى ذهن الشاب، فانشغل بالتفاهات والتفكير في الأمور الساقطة، وقويت دواعي الانحراف، مؤكدا أن الفراغ أرض خصبة لبذر اللوثات والضلالات، حيث قال الإمام الشافعي رحمه الله: «والنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل». ونبه فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي إلى خطورة إضاعة الوقت في التنقل بين مواقع التواصل الاجتماعي التي تضر بالعقيدة، وتؤثر على السلوك، وتهز الأخلاق، وتضعف روابط العلاقات الأسرية، وتفضي إلى عزلة اجتماعية، مبينا أن آثار ذلك واضحة لا تخفى. وزاد بقوله: «الشباب يواجه مكرا من أعداء الملة، بعرض الشهوات المحرمة، وإغراء الغرائز لطمس هويته، وإهدار مستقبله، وتدمير شبابه، والقذف به في مواقع الحيرة والضياع، وصرفه عن الاهتمام بأهدافه العليا، وقضايا مجتمعه وأمته، والنجاة في تربية النفس بالقرآن وتربية القلب بالإيمان والسير في ركاب الصالحين، وإشباع الرغبات بطرائق مشروعة تحقق له السعادة والكرامة». وأضاف أن الزواج للشاب حاجة فطرية، وراحة نفسية، وحصانة خلقية، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».