فقدنا جميعا برحيل الدكتور راشد بن عبدالعزيز المبارك جهبذا من جهابذة الوطن في العلم والثقافة والأدب والفكر وعلما من أعلام أسرة المبارك في الأحساء، فهو يعد من رموز الحركة الثقافية في المملكة ببحوثه العلمية وأعماله الأدبية وندواته الثقافية التي يعقدها في مدينة الرياض مساء كل أحد بمشاركة وحضور النخب العلمية والفكرية في المملكة وخارجها، وعلاوة على كونه مثقفا وأديبا وعالما فيزيائيا وكيميائيا فهو إنسان كبير في إنسانيته بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى وهو رجل كريم تتجسد فيه معاني النبل الإنساني مما جعله يبني علاقات اجتماعية واسعة مع مختلف الشخصيات الاجتماعية والثقافية والعلمية والأدبية والسياسية استغلها لفعل الخير على جميع المستويات حيث كان سببا بعد توفيق الله مع بعض رجالات الأحساء المخلصين في إنشاء العديد من المشاريع الحيوية كمركز الأمير سلطان لمعالجة أمراض وجراحة القلب ومركز التنمية الأسرية في الأحساء اللذان تبرع بهما الأمير سلطان بن عبدالعزيز يرحمه الله فضلا عن شفاعته للمكروبين والسعي لتفريج همومهم وإصلاح ذات البين ونصح العامة والخاصة. وأبو بسام يرحمه الله متفرد في فضائنا الفكري وساحتنا الثقافية فهو كيميائي التخصص وله فيه مشاركات ومساهمات علمية مقدرة يعرفها أهل فنه، كما انفتح على بقية العلوم الطبيعية وسعى لتبسيطها وإذاعتها بين الناس بيد أن الفيزياء كانت له أكثر استهواء وخاصة الفيزياء الكونية حيث جال فيها مستكشفا عظمة الصانع المبدع فزاد إيمانا واستيقانا، ومما يسر له بلورة هذا المنهج بعد توفيق الله تربيته الدينية المبكرة وفكره العلمي المنفتح وثقافته المتنوعة المغروسة منذ الصغر والنامية والمتطورة مع الزمن واختزانه لذخيرة لغوية واسعة عبر بها عن قضايا العلم بدقة متناهية. وفوق ذلك كله هو شاعر كبير اختزل التجارب العربية من كل عصر ومن كل قطر ومحفوظه كبير من الشعر العربي بشتى عصوره يستدعيه متى ما شاء فينثال عليه انثيالا وتلك الروافد المعرفية المتعددة تفاعلت وشكلت منهجه الفكري المتميز. وإبان تدريسه في جامعة الملك سعود بالرياض كان حريصا على تلقي طلابه المادة العلمية الجادة ودقيقا في تقييمه لهم، أما في مجال النشر العلمي فقد نشر أبحاثا متميزة في مجلات عالية السمعة بموضوعات في الكيمياء غير العضوية. وسيرته العملية تدل على حرص واضح على تبني المنهج العقلي في مفردات حياته فانصرف من أجل هذه الغاية إلى تأليف الكتب وشحنها بالحجج العقلية والتحليل العلمي والاستدلال المنطقي للتأثير في عقول قرائه وإذكاء جذوة التفكر والتأمل. عبداللطيف الوحيمد