أحمد المنعي شاعر موهوب حقا، هو أحد شعرائنا الشباب، ولوجه الحق أعترف أني لم أسمع عنه من قبل حتى تلقيت من الأخ عبدالرحمن الرميح قصيدة جميلة موقعة باسم أحمد المنعي، قرأتها أكثر من مرة، فوجدت فيها أبياتا كثيرة بديعة النسج تستحق التوقف عندها. من تلك الأبيات قوله: أنا أحبك؟ كلا، لن أبوح بها،، رغم الجنون الذي في داخلي وقرا!! فأطهر الكره، كره لا نكتمه،، وأطهر الحب، حب بات مستترا!! توقفت طويلا عند قوله (فأطهر الكره، كره لا نكتمه) وجدت هذه العبارة تلقي ضوءا كاشفا على أمر قليلا ما نلتفت إليه، وهو ذلك الفرق الشاسع بين كره ظاهر وكره خفي!! شتان بين كتم الكراهية وإبدائها! كتم الكراهية صورة من صور الخبث والمكر، غايته خداع المكروه بعدم كشف مشاعر الكره أمامه، حيث يجري في الخفاء حبك قصص الكذب وخطط الكيد والوشايات ابتغاء إيقاع الضر بالمكروه وهو في غفلة لا يعلم شيئا، ويبلغ كتم الكراهية ذروته في السوء عندما يقوم أولئك الذين يمهرون في الغش، ويبرعون في إظهار غير ما يبطنون، بادعاء المحبة والإخلاص أمام من يبطنون له الكراهية في إحكام بالغ منهم للمخادعة، طمعا في إيذاء من يكرهون وهو مطمئن إليهم لا يحتاط منهم، ظنا منه أنه آمن في صحبتهم. على عكس هذا يكون إظهار الكره، فمن يظهر كرهه لا يخدع أحدا، ولا يغش صاحبا، يترك الأبواب والنوافذ كلها مشرعة ليطلع من يكرههم على مشاعر الكره التي يحملها لهم، فيحتاط لها من يحتاط، ويحذرها من يحذر، ويقابلها بمثلها من يشاء أنى يشاء. هذا ما يصنع الفرق بين الكرهين: الظاهر والمكتوم، من يبدي كرهه علنا أنبل ممن يكتمه فيخدع الآخرين ويغشهم، لذلك استحق الكره الظاهر أن يوصف بالطهر. فمن طهر الخلق أن لا تخدع أحدا وأن لا تكذب على أحد، ومن طهر الكره أنك متى كرهت أحدا لم تغشه بادعاء المحبة، وأنت في داخل صدرك تود تمزيقه بأسنانك من الغيظ والكراهية!! الخبثاء الذين يكتمون الكره ويظهرون المودة، كانوا سببا في فقد الناس الثقة في بعضهم بعضا، حتى صار بعض الناس يشك في كل أحد، ومنهم المتنبي الذي طوق حياته الشك في الناس فراح يردد: فلما صار ود الناس خبا ،، جزيت على ابتسام بابتسام وصرت أشك فيمن أصطفيه ،، لعلمي أنه بعض الأنام