يعتبر العالم العربي -بصفة عامة- من مناطق «الجنوب» النامي المتسم أغلبها ب«التخلف»... لأسباب ذاتية معروفة. فباستثناء بعض أجزائه، فإنه أيضا اقل مناطق العالم احتمالا للنهوض، إن استمر فكره وتكوينه السياسي -في أكثر أنحائه- على ما هو عليه. هذا ما يردده معظم الخبراء المعنيون، ويقدمون البراهين على ذلك. واعتقد بعض المراقبين بالأمس ان «الربيع العربي» كان سوف يبدأ في تصحيح هذا الوضع ولكن تداعيات هذا الربيع ما زالت سلبية بعد أربع سنوات من اندلاعه. ويتوقع أن يستمر حال العالم النامي -بما فيه العربي بصفة عامة- على ما هو عليه في المدى المنظور على الأقل باعتبار طبيعة «النظام العالمي» الراهن وتوجهاته الاقتصادية والسياسية القاسية وكذلك استتباب «العوائق الذاتية» المعروفة التي يعانى منها جل هذا العالم النامي. وقد شهدت الفترة الاخيرة بعض التآكل في قوة القطب الوحيد المسيطر الآن على مقاليد السياسة الدولية. وربما يكون هذا «الضعف» -النسبي بالطبع- هو بداية التراجع الحتمي في هيمنته، ومؤشرا على تصاعد قوة ونفوذ قوى كبرى قادمة (الصين، روسيا، الاتحاد الأوروبي، وغيرهم) قد لا تكون أكثر إنصافا، ومع ذلك، ما زال ذلك القطب يقود عنوة -وبما لديه من عناصر القوة- الكثير من توجهات ومسارات السياسة الدولية الراهنة. وعند محاولة فهم ما يجرى وسيجرى في منطقتنا العربية، يجب الإشارة إلى أن : فهم وتوقع ما سيجرى بهذه المنطقة يسهل إن فهمت حقائق واطر نظرية معينة، أهمها نظريات: الاستعمار الجديد، النظام العالمي الراهن، الحركة الصهيونية، سياسة الولاياتالمتحدة نحو المنطقة... إلخ. أما «القضايا» الساخنة التي تشهدها المنطقة الآن فستظل -على الأرجح- مستمرة في المدى القصير، وأهمها -كما هو معروف- ما تبقى من أحداث وتطورات الربيع العربي، ثم قضية فلسطين، ثم الأوضاع في كل من العراق، سوريا، لبنان، ليبيا، اليمن، الصومال، ثم الملف النووي الإيراني، الإصلاح والتنمية، الإرهاب، وما يرتبط بذلك من قضايا وأحداث، وهذه قضايا يمكن استيعابها وفهم توجهاتها المستقبلية بدقة وموضوعية، بفهم الأطر المشار اليها. فمن العبث محاولة فهم مشاكل المنطقة وما ماثلها «فهما صحيحا» دون فهم هذه النظريات «والحقائق» العامة التي تقع الأحداث في إطارها. ويبدو أن سنة 2015م حبلى بمشاكل ونكبات وأزمات خطيرة جير معظمها لها العام المنصرم، فهي أزمات قديمة/جديدة، الامر الذى يبقي المنطقة العربية (الشرق الأوسط) كأكثر مناطق العالم سخونة والتهابا وقابلية للاضطرابات والقلاقل والحروب، في الوقت الحاضر. ولعل أهم ما يجعلها كذلك هو: الأطماع الامبريالية/الصهيونية فيها، وتخبط بعض أهلها؛ فكريا وسلوكيا.