في الوقت الذي دانت فيه دول ومجموعات ومنظمات ما يجري بشأن الإساءة لمقام النبي صلى الله عليه وسلم سواء في الحادثة الأخيرة المتمثلة في نشر رسوم مسيئة على غلاف مجلة شارلي ايبدو الفرنسية بعد الأحداث التي تعرضت لها مؤخرا، أو بعد الإساءات المختلفة الأخرى، أكد علماء ومفكرون أهمية استثمار الغضبة الشعبية تجاه هذه الإساءات وتوجيهها التوجيه الصحيح بدون أن تنعكس بشكل سلبي يعود بالضرر على الإسلام وأهله في العالم أجمع، وخصوصا دول الأقليات التي قد يعاني المسلمون فيها مضايقات بسبب بعض ردود الأفعال التي تجر الويلات بدلا من تحقيق المنافع. وشددوا على ضرورة استثمار هذه الغضبة الشعبية بالتعريف برسول الله صلى الله عليه وسلم لأن لدينا فرصة تاريخية في التوجه للرأي العام الأوروبي والغربي بصفة خاصة أن نعرفهم بشخصية رسولنا الكريم وسيرته العطرة وشريعة الإسلام، وهذا هو الرد الفعلي.. فإلى التفاصيل: الدكتور صالح بن سليمان الوهيبي الأمين العام للندوة العالمية استعرض الصورة الذهنية التي رسخت لدى العقلية الغربية المضادة للإسلام، والتي حاول الإعلام الغربي أن يرسخها عن المسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر بأنهم إرهابيون. ورأى أن علينا أن نستثمر وحدة الأمة دفاعا عن الرسول صلى الله عليه وسلم ونتمنى أن تكون هناك جهود كبيرة من المناشط الدعوية والإعلامية والثقافية في العالم الإسلامي والغربي. وقال: إن الغضبة لا بد أن تترجم إلى برنامج عمل، ويكون هذا الغضب في إطار شرعي ويتحرى العدل حتى ولو مع الخصم. وقال: إن لدينا الحق في المقاطعة والاحتجاج السلمي وفتح قنوات للحوار، ونطلب العدالة للمسلمين ومراعاة مشاعرهم، والعدالة في كل مكان، وهذا ما نسعى للعمل عليه، وهذا المؤتمر وهذه اللقاءات سوف تنبه العالم الغربي ألا يتعدوا حدودهم. أعظم وسيلة الدكتور نهاد عوض رئيس المنظمة الأمريكية كير أكد أن الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتحت آفاقا للتعريف بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام، مشيرا إلى أن أعظم وسيلة لمناصرته، هي الاقتداء به ونقل أسلوب حياته في حياتنا. واستدعى السنوات الماضية، مشيرا إلى أن منظمة كير جعلت من سنة 2006 عاما لنصرة النبي عليه الصلاة والسلام في أمريكا وكندا عن طريق البرامج والمؤلفات والأنشطة الإعلامية من أجل نشر سيرته والتعريف به. الخلفيات والتداعيات الشيخ رائد حليحل: أحد رموز الجالية المسلمة بالدنمارك، تحدث عن الإساءة للنبي عليه الصلاة والسلام خلفياتها وتداعياتها، كاشفا عن واقع المجتمع الدنماركي وتعاطيه مع الإساءة، داعيا إلى حصر الضغط نحو الصحف والوسائل المسيئة للنبي عليه الصلاة والسلام، بدلا من توسيع الجهود حتى لا تتشتت. موقف الغرب الشيخ عبدالله بن بيه وزير العدل الموريتاني الأسبق قال إن موقف الغرب من الإسلام يرجع إلى الخلفية التاريخية التي كرست تشويه صورة الإسلام وتصوير النبي عليه الصلاة والسلام بالصور المشينة. ويرى أن هذه الصورة القديمة أصلت صورة نمطية عن الإسلام وعن النبي محمد عليه الصلاة والسلام ما زالت إلى الآن مستمرة. ويعتبر ابن بيه دخول الصهيونية على الخط قد ساهم في تشويه صورة الإسلام وتعزيز المفاهيم المغلوطة عن النبي عليه الصلاة والسلام. وأكد ابن بيه على أهمية إنشاء هيئة دائمة تتابع الإساءة على الإسلام وتتبنى ردا حضاريا عليها. وبين أهمية إيجاد قانون لتجريم الإساءة للأديان والأنبياء مهم، موضحا وجود سوابق لإصدار مثل هذه القوانين، ففي سنة 1996م كانت المحكمة الأوروبية قد حكمت بعدم شرعية عرض فيلم يسيء للسيد المسيح عليه السلام، وهذا يدل على أن الغرب له مقدسات وكذلك عدم معاداة السامية وكذلك من ينكر الهولوكوست. وقال إن حرية الرأي والتعبير لدى الغرب ليست مطلقة، فيمكن أن ننتظر من الغربيين أيضا أن يعمموا ذلك ليشمل المقدسات الإسلامية، وأن لا يكون خاصا بهم. استمرار الجهود المشير عبدالرحمن سوار الذهب: الرئيس السوداني الأسبق والمفكر الإسلامي المعروف، أكد على ضرورة استمرار الجهود لجمع كلمة المسلمين على كلمة سواء لنبذ الخلاف ومواجهة التحديات، مطالبا بتوظيف كافة الإمكانات واتخاذ الخطوات الفاعلة لمواجهة «التحدي السافر» على معتقدات المسلمين، مشددا في السياق ذاته على أن الصورة الغربية المغلوطة عن الإسلام جاءت بسبب إساءات بعض المسلمين للمسلمين أنفسهم وتشويههم للإسلام. فرصة كبيرة الشيخ محمد بن بشار الفيضي المتحدث الرسمي باسم هيئة علماء المسلمين في العراق: قال إن هناك فرصة كبيرة للتشاور بين علماء الأمة ومفكريها للوقوف أمام هذه الهجمة الشرسة ضد المسلمين، أو ما يطلق عليه ب«فوبيا الإسلام»، والتي وصلت إلى حد التهجم على رسول الله والإساءة إليه، برسوم سيئة تنم عن عقلية حاقدة، وعنصرية بغيضة، ولقد كان رد الفعل الإسلامي قويا وإيجابيا ومتحضرا. وطالب الفيضي بأن يعقد مؤتمر إسلامي عالمي يناقش قضية استهداف مساجد المسلمين، والتعدي عليها وانتهاك الحرمات، واستهداف كتاب الله وتمزيقه، الذي رأيناه في صور واضحة ومؤثرة، وقال الشيخ الفيضي: لقد جئنا من العراق لنشارك إخواننا العلماء في هذا المؤتمر في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم ما نعانيه من مشكلات الاحتلال وأوضاع صعبة. الغضبة الشعبية أما الشيخ حسان موسى رئيس الأئمة بالسويد وإمام وخطيب مسجد الشيخ زايد وعضو المجلس الأوروبي للإفتاء فقال إن الغضبة الشعبية التي اندلعت في أرجاء العالم الإسلامي كانت عبارة عن رد قوي أذهل الأوروبيين الذين فوجئوا بالأمر، وقال: لقد بات التساؤل في الشارع الأوروبي لماذا هذه الغضبة العارمة؟! وأخذوا يتساءلون لماذا رسول الله؟! وقال: علينا أن نستثمر هذه الغضبة الشعبية بالتعريف برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن لدينا فرصة تاريخية في التوجه للرأي العام الأوروبي والغربي بصفة خاصة أن نعرفهم بشخصية رسولنا الكريم وسيرته العطرة وشريعة الإسلام، وهذا هو الرد الفعلي.