تأتي وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في وقت تموج فيه المنطقة العربية بالكثير من القضايا السياسية والأمنية والعسكرية التي تتصف كلها بالجدية. لقد شهدت المملكة منذ تولى الملك عبدالله بن عبدالعزيز سدة الحكم العديد من المنجزات السياسية والتنموية، وحققت المرأة السعودية في عهد الملك عبدالله مكاسب كبيرة، إذ فتح الملك الراحل للمرأة باب المشاركة في صنع القرار، وكان الملك يسعى إلى مراجعة ملفات كثيرة للمرأة، ولكن في إطار تقبل الرأي العام لهذه الخطوات الإصلاحية. وفي هذا السياق لا بد أن نشير إلى أن المرأة السعودية في ظل حكم الملك عبدالله حصلت على عضوية مجلس الشورى بنسبة 20% من الأعضاء، كما شاركت نساء المملكة في الانتخابات البلدية، وهو أمر افتقرت إليه بعض دول الغرب. ولم يقتصر دعم الملك الراحل على المرأة العاملة والقيادية فقط، بل وصل أيضا إلى ربة المنزل وذات التعليم المتوسط، عبر دعم برنامج الأسر المنتجة، وتأنيث محلات المستلزمات النسائية. كما أولى الملك الراحل اهتماما واضحا للتعليم والثقافة، إذ وجهت المملكة نسبة كبيرة من عائداتها لتطوير الخدمات ومنها قطاع التعليم. وشهدت المملكة في عهد الملك الراحل تأسيس العديد من الجامعات الحكومية والأهلية وإرسال البعثات التعليمية للشباب السعودي للحصول على درجات عليا في جامعات الغرب. كما أنشئت في عهده العديد من المدن الاقتصادية؛ منها مدينة الملك عبدالله الاقتصادية ومدينة جازان الاقتصادية ومدينة المعرفة الاقتصادية بالمدينة المنورة، إلى جانب مركز الملك عبدالله المالي بمدينة الرياض. وفي المجال الاقتصادي، سجلت السعودية عدة خطوات من أجل تحسين بيئة الأعمال وإطلاق برنامج لحل الصعوبات التي تواجه الاستثمارات المحلية والمشتركة والأجنبية، وهو ما توج بحصول المملكة على جائزة تقديرية من البنك الدولي عن الخطوات المتسارعة التي اتخذتها في مجال الإصلاح الاقتصادي. وصنفت المملكة ضمن قائمة أفضل 10 دول أجرت إصلاحات اقتصادية انعكست بصورة إيجابية على تصنيفها في تقرير أداء الأعمال الذي يصدره البنك الدولي. وحصلت على لقب أفضل بيئة استثمارية في العالم العربي والشرق الأوسط باحتلالها المركز 23 دوليا من أصل 178 دولة. لا يمكن لنا أن نتحدث عن مآثر الملك عبدالله دون أن نشير إلى ما ينسب للملك الراحل الفضل في علاقات السعودية الجيدة مع العديد من الدول العربية والأجنبية، حتى ومن قبل تربعه على عرش المملكة، فقد أطلق مبادرة للسلام في الشرق الأوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وكان الهدف إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل. وقد تم الإعلان عن هذه المبادرة في القمة العربية في بيروت سنة 2002، ونالت تأييدا عربيا ودوليا. ولا شك أن الانتقال السلس للسلطة في المملكة، بعث برسالة طمأنة إلى العالم بشأن الدور السياسي المحوري للمملكة في المنطقة والعالم. باحث أمريكي في شؤون الشرق الأوسط