أعاد الجداويون ثقافة المزمار واهازيج البحر وحداء المغنين الى السطح مرة اخرى، ولكن بأصوات جديدة مثلها جيل شاب ورث العمل الفني الاصيل من الاباء والاجداد.. وشهدت النسخة الثانية من (كنا كدا) هذا العام فصولا من الفن الرفيع المتمثل في المزمار الذي يعد من اكثر انواع الفلكور الشعبي جذبا لمحبي التراث والثقافة والفنون خصوصا في مدن الحجاز ويقام تجمعاته الجميلة عادة في المناسبات البهيجة التي كان أبناء جدة يتمرسون على أدائه وأنغامه وأهازيجه منذ الصغر مع أقرانهم في الحارة. يؤدي اللاعبون «المزمار» وهم يحملون عصا غليظة تسمى «الشون» إذ يقفون في شكل دائري وتستخدم الطبول وهي ثلاثة أنواع هي النقرزان الذي يقرع بخشبتين صغيرتين، والمرد والطار ويقرعان بأصابع وأكف اليدين. كوفية وعمامة ملونة يبدأ اللعب على دقات الطبول متناسقة الإيقاع وينزل كل اثنين من الراقصين معا ويحمل كل واحد منهما العصا ليؤديا حركاتهما الجميلة المتناسقة مع الإيقاع وضربات الاقدام ثم يصدح اللاعبون بالأشعار والأناشيد التي تختلف في الشكل والمضمون إذ فيها الغزل والحماس ويضفي ذلك على اللعبة طابعا خاصا جعلها تحظى بشهرة واسعة. ويتميز فن المزمار بزيه الفلكلوري الخاص المستمد من الطبيعة الحجازية والمكون من الثوب الأبيض المتعارف عليه وفوقه الصديري الحجازي وتوضع على الرأس ما يسمى الكوفية البلدي والتي تتميز بالشكل المثلث عن غيرها وتلف عليها العمامة الحجازية بألوانها المتعددة وتوضع قطعة قماش كبيرة الحجم مطوية الجوانب عدة مرات على الكتف الأيمن وتسمى المصنف. يا مرحبا باللي جا حظي هذا الفن بشعبية كبيرة بين أوساط المجتمع الحجازي باختلاف أعمارهم وطبقاتهم الاجتماعية حتى وصل إلى الأفراح في الآونة الأخيرة فأصبحت تعد لها بعض الأهازيج الخاصة. ويشارك لاعبو المزمار مع أقرانهم من الحارات الأخرى في مهرجان شمسك اشرقت حيث يردد أهل الحي أهازيج الترحيب مثل «حبا حبا باللي جا يا مرحبا» عند قدوم اللاعبين من الحارة المجاورة حيث يبدأ «الزومال» أي المغني وقائد كل فريق بترديد بعض الأهازيج ذات معنى ومدلول يرمز إلى الخصال الحميدة والترحيب والتفاخر وغيرها من المدح ويردد خلفه المشاركون بينما ينزل للعب شخصان ثم يتبعهما آخران بطريقة منظمة.