على الرغم من أن مراكز الرعاية الصحية الأولية تعتبر خط الدفاع الأول عن الأمراض المختلفة باعتبارها الأقرب للمريض، إلا أنها لا تزال تعاني من القصور وضعف الإمكانات، فضلا عن عدم ثقة المراجعين بها، كما أن المستأجرة أصبحت تضيق بمراجعيها، وهذا هو حال معظم مراكز الرعاية الصحية الأولية المنتشرة في كافة المحافظات والمراكز. (عكاظ) قامت بجولة ميدانية على عدد من مراكز الرعاية الصحية الأولية، ورصدت بعض الملاحظات عليها، منها أن بيئة العمل فيها لا تزال دون المطلوب، فضلا عن ضعف التجهيزات وعدم توفر الكوادر الطبية المؤهلة وقلة إقبال الأطباء السعوديين للعمل فيها وعدم توفر بعض التخصصات الرئيسية. في جنوببيشة لا تزال المراكز الصحية في قرى صمخ والحفيرة والخضراء تعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية والخدمات المساندة، بالإضافة إلى تعثر بعض المشاريع، حيث يشير المواطن عبيد علي الحنيفي من أهالي مركز صمخ إلى أن المركز الصحي بصمخ يحتاج إلى إعادة قسم الطوارئ وتشغيله على مدار الساعة، ودعمه بكوادر طبية وإدارية في جميع التخصصات لخدمة سكان المركز البالغ عددهم نحو11 ألف نسمة، فضلا عن مباشرة إصابات الحوادث المرورية وتقديم العلاج للحالات الطارئة للمواطنين بالقرب من أماكن سكنهم وعدم السفر لطلب العلاج في مواقع أخرى بعيدة، لافتا إلى أن المركز الصحي لا تخدمه مستشفيات قريبة لتقديم الخدمات الإسعافية وأقرب مستشفى يوجد فيه قسم الطوارئ يبعد عن المركز نحو 90 كم. من جانبه يقول سالم راشد القربي (من أهالي الحفيرة بمركز صمخ): «تم الانتهاء من بناء المركز الصحي الجديد في القرية منذ ثلاث سنوات وحتى الآن لم يتم تشغيله بحجة أن هناك بعض الخدمات لم تكتمل مثل السفلتة أمام المبنى»، مضيفا: «الأهالي متذمرون من المبنى المستأجر، في ظل تدني مستوى النظافة فيه، خاصة غرفة الضمادات ودورات المياه، بالإضافة إلى نقص بعض الكوادر الطبية»، مطالبا بسرعة تشغيل المبنى الحكومي الجديد ودعمه بكوادر طبية في جميع التخصصات. سعيد محمد الحسيني (من أهالي الخضراء بمركز صمخ جنوببيشة) أشار من جانبه الى معاناة الأهالي من نقص الخدمات الطبية في مركز صحي الخضراء، خاصة في أقسام الأسنان والأشعة والمختبر، وزاد في معاناتهم تعثر مشروع مبنى المركز الصحي بالقرية منذ سنتين بعد انسحاب المقاول من المشروع، لافتا إلى أن الأهالي قدموا عدة شكاوى إلى مديرية الشؤون الصحية في بيشة حول تعثر المشروع ولم يتم استبدال المقاول بآخر لإنجاز المبنى الحكومي المتعثر. إلى ذلك أوضح المتحدث الرسمي بصحة بيشة عبدالله سعيد الغامدي أن المركز الصحي بصمخ يقدم جميع خدمات الرعاية الصحية الأولية حسب المعايير المنظمة لعمل المراكز وتتواجد الكوادر الطبية بشكل متوافق مع عدد السكان والمعايير، إضافة لوجود مركز مناوبة في صمخ يستمر في تقديم الخدمات العلاجية والإسعافية بعد انتهاء دوام المركز الصحي حتى منتصف الليل، وذلك في ظل وجود نظام استدعاء للحالات الطارئة وغرفة عمليات بإدارة الطوارئ بصحة بيشة تعمل على مدار الساعة. وفي عسير يشير كل من علي عامر، خالد الشريف، ناصر الداحسي، عبدالله لاحق، عبدالعزيز روضان وعبدالله لجهر إلى أن بعض المراكز لا يوجد بها سوى طبيب عام فقط، ما يضاعف من معاناة المرضى فيضطرون إلى مراجعة مراكز خاصة أو الذهاب مباشرة إلى طوارئ المستشفيات الحكومية، ما يتسبب في إحداث حالة من الزحام ومضايقة المرضى من أصحاب الحالات الحرجة رغم ما يعانونه من طول فترة الانتظار. وقالوا: يفترض في مراكز الرعاية الصحية الأولية أن تغني المراجع عن مراجعة المستشفى إلا في الحالات المتقدمة، ولهذا يجب أن يتوفر في مراكز الرعاية الأقسام الرئيسية، ومن أبرزها: الطب الباطني، الأطفال، النساء، والأسنان ولا يمكن لها أداء دورها بفاعلية ما لم تكن لها روافد تشمل المختبرات والأشعة، مضيفين أنه من النادر وجود طبيبة نساء، كما لا توجد مختبرات أو أشعة، وبالتالي فإن أغلب المراجعين يتجهون إلى طوارئ المستشفيات أو إلى المراكز الخاصة على اعتبار أن دور مراكز الرعاية الصحية أصبح محصورا في معالجة حالات البرد والإنفلونزا فقط، وما يبعث على الأسى أن عددا كبيرا من الحالات يتم تحويلها إلى المستشفيات وكان بالإمكان علاجها بالمراكز إلا أن ضعف الإمكانات يحول دون ذلك ومنها ما يتعلق بأمراض النساء والأطفال، وغالبا ما يطلب طبيب المركز من المريض إجراء فحوصات طبية في مختبرات المستشفيات من خلال تحويله إليها وذلك يتطلب وقتا ويرهق المريض، إذ يفترض أن تكون الخدمات في موقع واحد. وخلصوا في أحاديثهم ل(عكاظ) أن المريض مع مرور الوقت أصبح انطباعه عن هذه المراكز أنها تؤدي دورا روتينيا لا يفي باحتياجاته ومن ثم ضعفت ثقته بها وأصبح يتجه مباشرة إلى المراكز الخاصة مهما كلفه ذلك من نفقات.