نجح مهرجان «شمسك أشرقت» في إعادة مهنة شهيرة قديما عرفت باسم «فرقنا» وهو البائع المتجول الذي اشتهر بحمل تلك (البقشة) المليئة بكل ما تحتاجه المرأة من ملابس واكسسورات بسيطة وعطور وبعض الآواني المنزلية الشهيرة حينذاك. المهنة اندثرت في كثير من المدن مع التطور الذي حدث، ومع انتشار الأسواق والمجمعات التجارية الكبيرة كما تذكر السيدة مريم العلي التي تتذكر الزمن الجميل لتقول: كانت (فرقنا) مهنة تعمل فيها النساء والرجال، إذ يحملون على رؤوسهم بقشة تحوي ملابس الأطفال، وكان الناس يشترون حاجتهم بأسعار معقولة، ومن لا يملك المال يعطي ما تيسر له والباقي يجعله دينا مكتوبا إلى أجل معين حتى يمر عليه «فرقنا» في وقت لاحق. وتضيف مريم العلي «كنا ننتظر فرقنا في وقت حضوره، فالمرأة كان غير مسموح لها بالنزول للسوق في أي وقت، وكانت أغلب مشاويرها لبيوت الأهل والجيران، لذا كان فرقنا هو الوسيلة الوحيدة لجلب البضائع حتى أن بعضنا كان يوصيه أن يحضر ما تريده السيدة مثل العطور وأدوات الزينة». أما السيدة ثريا البيتي فتقول: «لم يكن فرقنا مخصصا للرجال فقط بل النساء شاركن كبائعات، وكان الباعة يتنقلون على الدواب أو على أقدامهم يحملون البقشة القماشية والتي كانت كمصباح علاء الدين ننتظر فتحها لنشاهد ما بداخلها من بضائع، ونتسابق للحصول عليها كون عددها قليلا وإمكانية الحصول عليها مرة أخرى قد يستلزمنا شهور؛ لأن فرقنا يغادرنا على الأقدام ويتجول من قرية إلى أخرى مما يعني شهور من الانتظار». وعن البضائع والسلع قالت ثريا: الباعة كانوا يحملون كل شيء، خصوصا السلع النسائية مثل العطور وأدوات الزينة والأطياب النباتية والورقية وبعض المواعين والأدوات المنزلية، وكنا نفرح بها، لذا كنا ندخر لشرائها ونتسابق على اقتناء كل جديد. السيدة ثريا استعادت ذاكرة أيام زمان، وقالت: إن الباعة كانوا يطلقون صيحاتهم المعروفة مثل (فرق فرق فرقنا - فرق فرق فرقنا) ليعلم الناس أنهم جاءوا، وكان البائع يجلس أمام باب أحد المنازل، وكان مدخل خير على بعض الأشخاص ميسوري الحال والذين يمنحونه الأكل أو المكان لينام وفي بعض القرى كان ينام في المسجد. السيدة خديجه حلواني تقول: عرفنا فرقنا أنه البائع المتجول ودكان متنقل يجوب الأحياء والقرى مشيا على الأقدام، حاملا بضاعته أو راكبا في دابة، وبضاعته عبارة عن مستلزمات الخياطة والزينة وكريم الشعر وبكلات الشعر والكحل والأمشاط والعطور، كما كان يحمل بين بقشته بعض المواد التموينية مثل البن و الكبريت وحلويات الأطفال والبسكويت، وكان فرقنا عبارة عن وكالة أخبار يبلغنا بما يدور في القرى والأحياء الأخرى، كما كان يعرف بعض الأسرار من البيوت؛ لذا يعتبر هدفا لبعض الفضوليات واللائي يحاولن معرفة أخبار الجارات، وكان البائع هو وسيلة التواصل الاجتماعية مع العالم الخارجي في ظل عدم وجود التلفزيون آنذاك كما يروي الآباء.