جميعنا أدان عملية الهجوم الدموي على صحيفة شارلي/ إيبدو الفرنسية ناشرة الرسوم المسيئة لأصحابها، وليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فشائنه هو الأبتر، وجميعنا ضد حمل السلاح لفرض أو رفض الرأي، لكن الذهاب لإدانة الإسلام فجهل ما بعده جهل، وقد حفل موقع تويتر، الذي أصبح برلمان شعوب العالم، بالعديد من التعليقات على الحادثة، لعل أفحشها ما قاله روبرت ميردوخ مالك أكبر شركات الإعلام، داعيا إلى محاسبة كل المسلمين على هذا الهجوم حتى يقروا بمسؤوليتهم، ومطالبا بوقف الإنكار والنفاق. أفضل الردود أتاه من جي رولينغ، مؤلفة سلسلة «هاري بوتر» الشهيرة، فبحسب منطق ميردوخ تقع عليها كمسيحية مسؤولية محاكم التفتيش وعنف المتشددين ويجب طردها من الكنيسة. لكن بعيدا عن هذا، فإن ميردوخ المتحدث عن الإنكار والنفاق، لن ينشر في أي من مطبوعاته العالمية خبرا أو إعلانا مدفوع الثمن يسخر باليهود أو ينكر الهولوكوست. ذات الصحيفة المسيئة طردت رسامها الشهير «ساين» في يوليو 2008 لعدم اعتذاره للمنظمات اليهودية المحتجة على رسم سخر فيه من نجل الرئيس السابق ساركوزي لزواجه من ثرية يهودية، وما زالت المحاكم الفرنسية تنظر قضية رفعتها ضده منظمة «ليركا» اليهودية، فأي نفاق وإنكار يقصد ميردوخ، وبأي مكيالين يتحدث الغرب عن حرية الرأي ومتدينوه وملحدوه لا يمكنهم نقد اليهود ولا أقول السخرية منهم. مسيرة باريس المليونية مثلت قمة النفاق الغربي، بصرف النظر عن تلوثها بوجود قاتل الأطفال نتنياهو، احتشدوا لرفض المساس بصنم الغرب المقدس «حرية الرأي» الذي أول من ينتهكه الغرب ذاته، ما سبق وقاله كاميرون عن فض مظاهرات لندن بأنه سيطأ بقدمه حرية الرأي إذا مست أمن بريطانيا مجرد مثال. اصطف الغرب لأجل (من اعتدى بإرادته على مقدسات الآخرين)، ولم يرف له جفن طوال سنين لآلاف الأطفال والنساء والشيوخ المدنيين الأبرياء في سورية والعراق وفلسطين ضحايا عصابات الإرهاب التي يجندها الغرب أو بفعل جيوشه النظامية، حتى أن مجلة إيكونمست البريطانية المعتدلة علقت قديما على أحداث سبتمبر «تذهب إليهم جيوشنا قاطعة آلاف الأميال لتقتل أهلهم، يجب ألا نستغرب حضور بعضهم للانتقام». بث الكراهية ليس تهمة ضد المسلمين، فما يفعله إعلام الغرب تحت ذريعة حرية الرأي يتجاوز بث الكراهية إلى التحريض على القتل.