يشتكي العديد من الطلاب المبتعثين من ارتفاع تكلفة المعيشة في الولاياتالمتحدة التي تعد أكبر وجهة للابتعاث الخارجي، وخاصة فيما يتعلق بإيجارات الشقق السكنية التي تأتي في مقدمة المصروفات التي يعاني منها المبتعثون، ما يفرض على المقبلين على الابتعاث الخارجي التخطيط المبكر ومراعاة تكلفة المعيشة والإيجارات في المدينة التي تقع فيها الجامعة، لاسيما أن تكلفة الإيجارات في «بعض» المدن الأمريكية تفوق ضعف مكافأة الابتعاث، ولكن في المقابل يوجد العديد من المدن في الولاياتالمتحدة ذات تكلفة متوافقة مع المكافأة. وفي ضوء هذه المعطيات، تضمن تقرير إحصائي حديث عن تكلفة الإيجارات السكنية في الولاياتالمتحدة في أواخر ديسمبر الماضي قائمة بالمدن الأكثر تكلفة في هذا الجانب خلال العام المنصرم، حيث حلت سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا على رأس هذه القائمة إذ يبلغ متوسط تكلفة إيجار شقة سكنية من غرفة نوم واحدة فقط ما يقارب ثلاثة آلاف و390 دولارا شهريا (قرابة 13 ألف ريال)، وتليها نيويورك بثلاثة آلاف ومائة دولار شهريا، ثم مدينة بوسطن بولاية مساشوستس بتكلفة تصل إلى ألفين و400 دولار، وتليها العاصمة واشنطن بألفي دولار شهريا، فيما حلت مدينة مينيابوليس بولاية إنديانا في المركز العاشر حيث يبلغ متوسط إيجار الشقة السكنية سعة غرفة نوم واحدة أكثر من 1400 دولار. وفي هذا الإطار، طالب عدد من المبتعثين في الولاياتالمتحدة بمراعاة فروق غلاء المعيشة بين الولايات ويستهل سعود البقمي حديثه قائلا: المدن الأمريكية تتميز باستقلال كل مدينة عن الأخرى من حيث الأنظمة والقوانين الاقتصادية وخلافها، ولذلك تختلف الأسعار من ولاية إلى أخرى. وأضاف بالنسبة لي لم أعاني كثيرا حين دراستي بالسنة الأولى من ابتعاثي في مدينة بورتلاند بولاية أوريغون كونها من أرخص المدن الأمريكية، وليس بها ضرائب، وبالتالي كانت المكافأة تكفي الطالب إذا نظم مصاريفة جيدا، إلا أنني عانيت كثيرا من غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الإيجار والضرائب (حين انتقلت إلى مدينة أخرى على الساحل الغربي) ولم تعد المكافأة تكفي، لأن إيجار السكن أصبح يستحوذ على ثلاثة أرباع المكافأة، وتكاليف الحياة غالية جدا، وزيادة المكافأة وفق هذا التباين في التكلفة أصبح حلم كل مبتعث، وخاصة الذين يضطرون إلى الانتقال إلى المدن مرتفعة التكاليف. وأشار إلى أن بعض المبتعثين تأتيهم فرصة اختيار الولايات التي تنخفض بها تكاليف المعيشة مقارنة بغيرها، ولكنه لا يملك ذلك دائما، نتيجة لارتفاع أعداد المبتعثين، والتكدس في العديد من المعاهد والجامعات، وإنه مضطر إذن للانتقال إلى الأكاديمية التي يجد بها قبوله الدراسي. ويقول المبتعث عدنان الشريف إن المكافأة لمبتعثي أمريكا لا تتجاوز 1800 دولار، وهي تكفي المبتعثين في الولايات والمدن منخفضة التكاليف، لكن الآخرين تضطرهم معايير القبول الأكاديمية إلى الدراسة في ولايات أخرى ذات تكلفة معيشية مرتفعة جدا، وبالتالي لا يمكن للمكافأة أن تكفيهم حتى إذا اقتصدوا، نظرا لارتفاع إيجارات السكن، وارتفاع أسعار الضرائب، وتكاليف الحياة المرتفعة للغاية. وطالب المبتعث مبارك السلمي بإعادة النظر في مكافأة المبتعثين في الولاياتالمتحدة وحتى في بعض وجهات الابتعاث الخارجية الأخرى، حتى وإن اقتصرت الزيادة على المدن ذات التكاليف المرتفعة، نظرا لغلاء المعيشة الذي يعاني منه المبتعثون في عدد من المدن. من جانبه، نصح الأكاديمي والكاتب المعروف البروفيسور سالم سحاب الطلاب المبتعثين بالعيش في المدن الصغرى التي تتميز عن الكبرى بانخفاض تكاليف المعيشة وتقارب المسافات الذي يريح الطالب من قطع مسافات طويلة يوميا، والبعد عن صخب المدن الكبرى التي ترتفع فيها نسبة الجرائم أيضا مقارنة بصغرى المدن، مشيرا إلى أن النظام التعليمي في القرى والمدن الصغيرة بالولاياتالمتحدة متجانس إلى حد كبير برغم اختلاف الأنظمة بين كل ولاية أخرى. وأضاف أن تلك المدن تتوافر بها كافة الخدمات التي يحتاجها الطالب، بالإضافة إلى أن إيجارات السكن وتكاليف الحياة فيها منخفضة. فيما قال الأكاديمي والباحث المعروف الدكتور إبراهيم الجوير: من المفترض أن يحقق كل طالب أقصى ما يستطيع من الفوائد من تجربة الابتعاث، وأن يتعلم الكثير منها على الصعيد العلمي والمعرفي كون الطالب مبتعثا لمهمة علمية وينبغي أن ينصب كل تركيزه عليها، وأن تكون هي هدفه الأول، وينظم حياته في بلد الغربة على هذا الأساس، وكذلك أن يتعلم سياسة الادخار والاقتصاد قدر الإمكان، وأن يتجه إلى المدن الصغيرة التي لا تقل في الخدمات وجودة التعليم عن نظيرتها الكبيرة، كما أن رتم الحياة بها أهدأ، وأكثر ملائمة للطالب من جوانب كثيرة، من حيث الجانب الاقتصادي وانخفاض تكاليف المعيشة بها مقارنة بالمدن الكبرى، والابتعاد عن ضوضاء تلك المدن، وغيرها من الجوانب التي تهم المبتعث، وتوفر له البيئة الأنسب للتعليم، وتساعده على تعلم ثقافة الادخار.