بالأمس، أصدرت كتابا تحت عنوان «الفخ الإيراني»، بينت فيه كيف خدعت إيرانالولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث فتحت الحوار معها حول الملف النووي والإرهاب، فالولاياتالمتحدة لا تريد للعراق أن يسقط في أيدي الدولة الإرهابية، وإيران لا تريد أن تتخلى عن العراق حتى لا يتكرر الغزو العراقيلإيران، فتصورت أنها تبتلع العراق كما فعل قورش ولا تريد من داعش أن تبسط نفوذها على بغداد. لكن إيرانوالولاياتالمتحدة تختلفان في هدف آخر، فإيران تريد للشيعة أن يحكموا العراق، وأن يقصوا الجماعات السنية عن الحكم، بينما الولاياتالمتحدة تريد أن يكون الحكم في العراق ديمقراطيا تعدديا، وأن لا يحكم فريق على حساب الآخر، فعادت الولاياتالمتحدة إلى العراق بخطى متثاقلة، وبمقترحات ومشاريع من شأنها إشراك السنة وإرضاؤهم بتأسيس حرس وطني يضم مائة ألف من السنة، لكن حلفاء إيران أرادوا أن يخدعوا العشائر السنية كما خدعوا الصحوة من قبل، وأن تتحرر الموصل بدمائهم، لكنهم جددوا مطالبهم فاستجاب بعض السنة ورفض آخرون. إن هذا السجال حول ما ينبغي فعله في العراق يتم في صمت وهدوء، فإيران وجدت في الحرب الأهلية في العراق أو التقسيم خطرا على أمنها القومي، لهذا ساندت إيران حكومة المالكي الذي مكن الشيعة من الهيمنة على القوات المسلحة والميليشيات غير النظامية لقتال الغاضبين السنة عندما قرروا السيطرة على شمال غرب العراق ورفض دكتاتورية المالكي. وعندما ووجهت إيران بداعش بدلت العبارات الطائفية فأمسكت عن التصريح بها، واستخدمت بدلا منها عبارة الحرب على الإرهاب، كي يتضامن معها الغرب، وبشكل خاص الولاياتالمتحدة في مواجهة داعش. فإيران شجعت مع النظام السوري السنة في الماضي لضرب القوات الأمريكية في المناطق السنية، فوقع الأمريكيون في الفخ الإيراني، وأصبحوا أعداء للسنة في العراق، بينما شجعت إيران الشيعة في العراق على التحالف مع أمريكا ضد السنة كي يستلموا الحكم من أمريكا عندما تقرر واشنطن الانسحاب. أخذت إيران في دعم الشيعة وتمكينهم من السيطرة على الحكم في العراق، فشكلت بذلك الشبكات الشيعية السياسية، وأنشأت عددا من الميليشيات الشيعية القوية حتى أصبح العراق حليفا صريحا لإيران. كل ذلك غير التوازن الاستراتيجي في القوة، وأصبح الميزان الاستراتيجي يميل لصالح إيران، وغدا من الصعب أن تتخلى إيران عن التقدم الذي حققته، وأن تتخلى عن حليفها في العراق. وعندما سقطت الموصل في أيدي تنظيم داعش الإرهابي، كان الرد الإيراني المتوقع تقديم المساعدة العسكرية للمالكي حليف طهران، ولأن العلاقة لم تكن ولاء شخصيا، إلا أن الأولوية لدى إيران أن تبقى الحكومة العراقية تحت السيطرة الشيعية الموالية لإيران وصرف النظر عن بقاء المالكي؛ لأن القاعدة بأن المستعمر لا يحمي عملاءه بل مصالحه.