** سئل إمبراطور اليابان عن سر تقدم بلاده فقال: (إن بلادنا تقدمت في هذا الوقت القصير لأننا بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وتعلمنا من أخطائهم، وأعطينا المعلم حصانة الدبلوماسي وراتب الوزير)، هذا بالإضافة إلى مزايا أخرى كثيرة، وهذه المعلومة نقلتها عن مجلة المعرفة التي تصدرها وزارة التربية والتعليم!!! ** فوجئت منذ أيام بعدد كبير من المقالات والتعليقات الناقدة لجملة وردت على لسان الأمير خالد الفيصل يتحدث فيها عن المعلمين، وهذه الجملة التي انتقدها هؤلاء هي (لا مكان بعد اليوم في مجتمعنا التربوي لمن ينظر إلى هذه المهنة الجليلة على أنها مصدر رزق سهل لا يحول بينه وبين نيل راتبه منها سوى بضع ساعات دوام يمضيها كيفما اتفق)، ولأنني أمضيت في مهنة التعليم الجامعي أكثر من ربع قرن وأدرك تماما ما يعانيه أستاذ الجامعة خاصة إذا أراد تطبيق المعايير التي وضعها الأمير خالد الفيصل للمعلمين فكيف ستكون معاناة المعلمين - رجالا ونساء - والذين لا تتوفر لهم الإمكانات التي تتوفر لأساتذة الجامعات؟! قطعا ستكون معاناتهم أكثر بكثير خاصة المعلمات لأن ظروفهن أسوأ من ظروف المعلمين كثيرا!! كنت متأكدا أن سمو الوزير - وقبل أن يكون وزيرا للتربية والتعليم - يعرف على الأقل جزءا من معاناة المدرسات اللواتي يعملن في مناطق نائية عن مساكنهن، ويعرف كما نعرف كثرة الحوادث التي يفقدن في بعضها أرواحهن، ويدرك - قطعا - أن هؤلاء المدرسات يخرجن من بيوتهن فجرا كي يصلن إلى مدارسهن في الوقت المناسب ويعدن قرب الغروب إلى منازلهن، وهنا يجدن كما كبيرا من المشاكل مع أزواجهن وقد يجدن ماهو أسوأ من ذلك!! هذا النوع من المشقة قد يلاقيه بعض المدرسين الذين يعيشون في مناطق نائية عن مواقع مدارسهم، وهذه المعرفة عند الوزير هي التي جعلته يتخذ قرارا بتخفيض الأيام التي تعمل فيها المدرسات في المناطق النائية، ولعله يتخذ خطوات أكثر في سبيل تهيئة الأجواء الصالحة للمعلمين وللمعلمات في المستقبل القريب. أعود إلى لب الموضوع وهو الجملة التي أغضبت بعض المدرسين والمدرسات، فعندما قرأت ما أثير حولها وجدت أنه من غير المعقول أن يقولها الوزير بالسياق الذي فهمها أولئك البعض، ولهذا آثرت أن أعود إلى كامل الكلمة التي وردت فيها تلك الجملة لمعرفة السياق الذي قيلت فيه. كلمة سمو الوزير التي وزعتها (واس) هي شرح مفصل عن برنامجه الذي سوف يقوم به بغية تطوير التعليم من كل جوانبه الخاص منه والعام، وقد قدم شرحا مفصلا لهذا البرنامج فتحدث عن دور المعلم والمعلمة في العملية التربوية وأهمية هذا الدور وأنه هو الأساس، كما تحدث عن نوعية التربية والثقافة التي ينبغي أن يحصل عليها الطلاب والطالبات، وكذلك دور الأسرة والمجتمع، وأيضا دور الوزارة الذي يجب أن يكون مساندا لكل القائمين على التعليم، وتحدث عن قضايا أخرى كثيرة يصعب حتى الإشارة إليها في هذا المقال فضلا عن مناقشتها، وفي خضم هذا الحديث تحدث عن الصورة المثالية التي يجب أن يكون عليها المعلم والمعلمة لكي يستطيعا إخراج جيل صالح لبناء نهضة وتقدم بلادنا في كل المجالات، وهذه الصورة التي تمناها الوزير فيمن يمارس مهنة التربية والتعليم لا تتفق - حسب قوله - مع صنف من المعلمين لا يرى في مهنته إلا الراتب والعمل الهين الذي لا يقود إلى تربية النشء كما يجب!! وفي ظني أن الوزير لم يرد الإساءة لأهم مرتكزات وزارته - المعلم والمعلمة - بقدر ما أراد أن يدفعهم لمزيد من العطاء لأبنائهم الطلاب والطالبات، ولهذا نجده يخاطبهم بقوله: (أشعر بسعادة تغمرني وطمأنينة تسكن نفسي لما أجد فيكم من صدق العزيمة والتعاون الخلاق والرغبة الصادقة في العطاء والحماسة للسباق بالإنجاز في ميادين التربية والعلم والمعرفة)، ولا أظن أنه يخاطبهم بهذا الأسلوب الجميل ليعود فينتقدهم بالطريقة التي فهمها البعض. قدر لي أن أجتمع بوزير التربية الأسبق الدكتور عبدالله العبيد وذكرت له جزءا من معاناة المعلمين والمعلمات سواء في الأنصبة الدراسية أو سوء بعض المدارس، كما ذكرت له أن بعض المدرسات هن اللواتي ينفقن من رواتبهن على مدارسهن وعلى طالباتهن وأن هذا وغيره يحد كثيرا من حيوية العملية التعليمية، وها أنذا أعيد هذا القول لسمو الوزير خالد الفيصل. واقعنا يؤكد أن التعليم في بلادنا - العالي والعام - يحتاج إلى تغيير جذري، - في التربية وفي التعليم - ولكن هذا التغيير يحتاج إلى قرارات حازمة ولكن متدرجة، كما يحتاج إلى إنفاق المزيد من المال ولكن بحكمة وأمانة، والأهم تحديد رؤيتنا للمعلم وللمعلمة: ماذا نريد منهم، ثم هل أعطيناهم ووفرنا لهم الأجواء الصالحة لكي يستطيعوا القيام بما هو مطلوب منهم. وأملي أن يستطيع سمو الوزير فعل ذلك.