د. عبدالمجيد سويلم شارك من خلال تويتر فيسبوك جوجل بلس اكتب رأيك حفظ قد تتمكن الولاياتالمتحدة وهي ترمي بكل ثقلها من جديد من إحباط التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن، وقد تتمكن إسرائيل من الإفلات (مؤقتا) من قرار يحدد فترة زمنية لإنهاء احتلالها للأرض الفلسطينية، وقد تضطر القيادة الفلسطينية إلى «الالتجاء» إلى الأفكار الفرنسية لتفادي الفيتو الأمريكي مع كل ما ينطوي على هذا الالتجاء من خسارة (نسبية ومؤقتة)، لكن الذي لم يعد لا بمقدور الولاياتالمتحدة ولا إسرائيل الإفلات منه هو تقدم الحقيقة الفلسطينية بما تمثله من مضامين جوهرية على مستوى ما تعكسه من أهداف وطنية ومن حقوق ثابتة وغير قابلة للتصرف (حق تقرير المصير) والوصول إلى الاستقلال الوطني على حدود الرابع من حزيران. وإذا أردنا أن نرى الأمور على حقيقة ما هي عليه، فإن الدعم الأوروبي للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية المستقلة على أراضيه المحتلة منذ عام 1967 قد أحدث في الواقع الدولي المحيط بالقضية الوطنية للشعب الفلسطيني انقلابا بكل ما في هذه الكلمة من معنى، فالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران لم يعد إلا مسألة وقت وظروف وآليات، وإنهاء الاحتلال أصبح مطلبا واستحقاقا طبيعيا ومباشرا لهذا الاعتراف، وشرعية الاحتلال، وكل ما بناه وكل ما حاول تحويله إلى «أمر واقع» غير قابل للتجاوز، هو اليوم في مهب الريح وأصبح لا يساوي شيئا من وجهة نظر أوروبا ومن وجهة نظر القانون الدولي، وتحولت منظومات الاحتلال كلها إلى منظومات لا تملك أية درجة من درجات الشرعية الدولية. وحتى لو استطاعت الولاياتالمتحدة حماية إسرائيل من قرار أممي يطالبها بإنهاء الاحتلال خلال عامين، فإنها ستجد نفسها في غضون أسابيع قليلة قادمة، أو ربما عدة شهور قادمة على أبعد تقدير أمام ملاحقات ومطاردات مباشرة لمنظومات هذا الاحتلال الأمنية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والسياسية من قبل دول العالم ومن قبل شعوب الأرض وتحديدا من قبل مؤسسات القانون الدولي وخصوصا محكمة الجنايات الدولية. الولاياتالمتحدة تدرك الآن أن زمن الإفلات الإسرائيلي قد ولى إلى غير رجعة، وتدرك أيضا أن التفاهمات العربية الأوروبية كتعبير عن التفاهم الفلسطيني الأوروبي أصبح وتحول في الواقع إلى قوة ضغط هائلة على الولاياتالمتحدة لرفع الغطاء عن الجنون السياسي لإسرائيل أو ربما رفع الغطاء عن السياسة الإسرائيلية التي تتنكر للحقيقة الفلسطينية وتتنصل من رؤية وقرارات الشرعية الدولية. فإسرائيل بنسختها اليمينية واليمينية المتطرفة هي التي تشكل في الواقع العقبة التي تحبط قدرة الولاياتالمتحدة على المناورة والمراوغة والالتفاف. لا أحد في عالم اليوم يناقش في حدة المأزق الإسرائيلي، ولم يعد من عاقل واحد لا يرى في الجنون الإسرائيلي كارثة سياسية تحدق بالمنطقة وبإسرائيل نفسها، لكن ليس واضحا بعد على ما يبدو للكثيرين حتى الآن، أن المأزق الإسرائيلي سيؤدي إلى مأزق أمريكي بحجم أمريكا وبحجم دورها وبحجم مكانتها الدولية أيضا.