تدور منذ فترة أحاديث اجتماعية وإدارية ومالية تتمحور حول «الخصخصة» وأنها ستكون علاجا لكل داء إداري أو مالي أو فني يحول دون جهات الاختصاص وتحقيقها لإنجازات باهرة في مجال نشاطها وعملها، فإن ذكر الانخفاض في المستوى الرياضي سواء على مستوى الأندية أم على مستوى المنتخبات وعددت أسباب التراجع والإخفاق، أجمع المتحدثون على أن الحل والعلاج يكمنان في «الخصخصة» ولا شيء غير الخصخصة، وإن جاء ذكر وسائل النقل وبالذات الجوي منها وعدم تمكن الخطوط من تغطية حاجة المواطنين للسفر الداخلي في الوطن القارة، فإن الأصوات ترتفع مطالبة «بالخصخصة» لكل وسائل النقل، بل إن الأمر وصل إلى الصحة التي تقدم خدماتها الحكومية بلا مقابل فإن هناك من يدعو إلى خصخصتها عن طريق نظام التأمين الطبي الشامل، وشمل الأمر الطرق السريعة وأن تسلم لمؤسسات تشغلها وتأخذ رسوما من أصحاب المركبات عند مرورهم بنقاط معينة في الطريق، مقابل ما تقوم به المؤسسة المشغلة من صيانة دورية للطرق وإضاءة وتوفير وسائل سلامة وخدمات طرق وغيرها من الاحتياجات التي تجعل الطرق آمنة وسهلة الاستخدام. ولكن في المقابل فإن بعض الآراء تتوقف عند «الخصخصة» وربط تطبيقها كنظام حضاري معمول به في العديد من دول العالم بأن يتم حماية «الخصخصة» وما ينتج عنها من ريع، من عملية «المصمصة» وهو التعبير الشعبي لمعنى الامتصاص، فلا فائدة من الخصخصة إن لم تسلم من الذين لا يدعونها تثمر وتزهر بل ينقضون عليها وهي لم تزل بعد شتلة صغيرة لقطف أوراقها وكسر أغصانها وامتصاص رحيقها عن طريق المبالغة في مصاريف التشغيل والتسيير وزيادة أعداد العمالة عن الحاجة الفعلية لأعمال الإدارة اليومية للمنشأة «المخصخصة» والبذخ في بناء المقرات والتجهيزات واقتناء السيارات الفاخرة، ورفع أجور القيادات العاملة في الإدارة من مدير عام وعضو منتدب ونحوه إلى مبالغ تزيد ثلاثة أضعاف أو ضعفين على راتب المرتبة الممتازة أو راتب وزير، واستهلاك ميزانية ضخمة في الدعاية والإعلان والتلميع، فإن حصل ذلك كله أو حتى بعضه فإن «الخصخصة» سوف تصبح في خبر كان ولا ينتج عنها ترشيد في المصاريف وارتقاء بالخدمات ثم تحقيق أرباح يصرف جزء منها لمواصلة التطوير والتوسع وتقديم خدمة أفضل ويصرف الجزء الباقي أرباحا للمساهمين أو يبقى ضمن احتياطي المؤسسة كما هو الحال بالنسبة للعديد من الخدمات التي تم تخصيصها في بعض الدول فنمت وتطورت وقدمت خدمات راقية وبرسوم مناسبة، ولذلك فإن تطبيق نظام الخصخصة وحده لا يكفي بل لا بد من إبعاده عمن لديهم شهوة «المصمصة» وعندها يمكن لنا الاحتفاء بنجاح تجربة الخصخصة.. وإلا فلا ؟!.