مثلما النخلة حاضرة في كثير من مناطق بلادنا السعودية كان اللوز شجر الذكرى والذاكرة في منطقة الباحة حاضرا بفيئه وغضاريفه ولبابه إذ إن أطعم هدايا الأحبة لبعضهم في زمن مضى مد أو صاع من اللباب البجلي اللافت لانتباه شاعر رمزي يرصد شؤون اللوز ويردد «يا لوز جافان الأخضر كنت ظامئ وش أرواك» كنا في طفولتنا الشقية نفرح بموسم الضباب المتزامن مع انعقاد غضاريف اللوز الأخضر الحامض وفي الرابضة أنت وحظك قد تصل لمحجر اللوز وتخترط ما يسد جوعتك ويرضي مهارة اللص في داخلك وقد تقع في قبضة جبار لا يرعوي عن تشميطك بعود أخضر لتعود بظهرك إلى المنزل كأنه لوحة تشكيلية سريالية. العم عبدالله شخصية طريفة أظهر مهارة في طفولته بكتابة رسائل السيدات إلى أزواجهن المغتربين في بلادنا من الظهران إلى نجران وكانت اللازمة الكلامية لمعظم السيدات عندما يملين عليه الرسالة (واديك احترق وأودية الناس مخضرة) قال: لم أكن أعي في تلك السن أو أدرك الرمزية في هذه المقولة وكنت أسأل إحداهن ببراءة: ما الذي احترق يا عمة؟ فتقول: اللوز يا عبدالله! وأجمل ما تناقله الرواة من شعر في وصف الحبيب «يقول صالح صاحبي يا لوز مخبي، كم لي وكم لك يا مغرهد في نشايب، حسبي عليك الله يا ناشع شعوبه» أما العاشق الولهان فلم يكن له فرصة لمشاهدة من يحب إلا وقت جني اللوز وكان يترقب أن يدعوه اللواز ليشارك في الجني ويمتع ناظريه بوجه مليح صبوح فقال «يا راعي اللوز سجلني مع اللي مجانين، ودون اسمي في الدفتر مع من يجنا، وإن جا نهار الجنى حطني مع اللي يجنون، وإن كان خليتني جاني من الجن نوبه» سأل أحدهم سريع بديهة «بشرني عن أولادك، فقال: مثل شجر البلدية في الشوارع مظهر بدون ثمر». كان اللوز حيا عندما كانوا يقولون إن أمطرت لوز وإن أصحت حنطة.. وسلامتكم.