في الحلقة الثانية في حواره مع (عكاظ) تناول مدير عام مؤسسة الفكر العربي الدكتور هنري العويط النقلة النوعية للمؤسسة التي ستطور كل ما هو قائم من نتاجاتها حاليا، وكل ما سيستجد كذلك، لتؤخذ بنظر الاعتبار، ومن خلال المعالجات النقدية الموضوعية، كل ما فرض ويفرض نفسه على الواقع العربي من قضايا وتطورات بالغة الحرج والتعقيد، مؤكدا أن المؤسسة تحمل راية الثقافة العربية الجامعة، والفكر العربي الإنساني المنفتح، الذي يجمع ولا يفرق، يحاور ولا ينغلق، فالرهان على الثقافة هو الذي يكسب في نهاية المطاف، وأنها من خلال مركز بحثها الجديد ودراساتها متنوعة الاختصاصات والتوجهات تتخطى كل الجوانب الوصفية والتنظيرية لذاتها وستجتهد في ألا يتحول أي نتاج معرفي يصدر عن المركز إلى مجرد تقارير على رفوف مهملة. ● أعلنتم أخيرا عن ورشة عمل كبرى من المتوقع أن تحدد نقلة نوعية فكرية وثقافية في عمل المؤسسة، فهل ترون أنه بات لزاما على المؤسسة أن تعيد صوغ منظومة أهدافها الاستراتيجية في ضوء الواقع العربي المتصدع؟ ●● لا بد أولا من الإشادة الحقيقية بكل إنجازات المؤسسة، التي اضطلع بها الأمينان العامان السابقان الدكتور علي ماهر والدكتور سليمان عبدالمنعم، والأمناء العامون المساعدون الدكتور علي موسى، والدكتورة منيرة الناهض، والأستاذ حمد العماري، ومعهم سائر المستشارين والعاملين المعنيين إلى اليوم، ودائما بإشراف وتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل رئيس المؤسسة، وفي إطار الخطط والاستراتيجيات التي يرسمها مجلس الأمناء، ومجلس الإدارة الذي يتولى رئاسته سمو الأمير بندر بن خالد الفيصل، خاصة على مستوى المؤتمرات السنوية الكبرى، الفكرية منها والثقافية والتنموية والتربوية والاقتصادية... الخ. علاوة على الإصدارات المتعددة، لاسيما منها مجلة «حوار العرب» الشهرية، التي أرست تقاليد فتح المحاور الفكرية والمعرفية الاستراتيجية في كل عدد من أعدادها، وتناولت كل ما يهم القارئ العربي على مختلف توجهاته، وشكلت مرجعية غنية على المستوى الثقافي العربي. وهناك «التقرير السنوي للتنمية الثقافية»، الذي نحن بصدد الاشتغال على مصنفه السابع الآن، ويدور محوره هذه السنة حول «الربيع العربي في مرآة نتاجه الفكري السياسي والثقافي» بعد نحو 4 سنوات على بدء شرارته. وقد حمل تقليد التقرير السنوي الذي تصدره المؤسسة هو الآخر عناوين معرفية استراتيجية في توجهها العام، التي من شأنها أن تستقطب، علاوة على القارئ المثقف العام، كل قارئ عربي مختص ومرجعي اليوم، وكذلك بعد عقود طويلة. ومن عناوين التقارير التي أصدرتها المؤسسة على سبيل المثال لا الحصر نذكر: مما لا شك فيه أن المؤسسة ستطور كل ما هو قائم من نتاجاتها حاليا، وكل ما سيستجد كذلك، وستأخذ بنظر الاعتبار، ومن خلال المعالجات النقدية الموضوعية، كل ما فرض ويفرض نفسه على الواقع العربي من قضايا وتطورات مؤسفة وبالغة الحرج والتعقيد، والتي لا داعي للتفصيل فيها، إذ هي محل معاناة كل عربي حريص على هذه الأمة في حاضرها ومستقبلها. ولن تألو المؤسسة جهدا في أن تشق طريقها بثقة وسط كل هذه الإخفاقات السياسية المتوالية، حاملة راية الثقافة العربية الجامعة، والفكر العربي الإنساني المنفتح، الذي يجمع ولا يفرق، يحاور ولا ينغلق، فالرهان على الثقافة كرافعة هو الذي يكسب في نهاية المطاف. مركز تفكير لا تنظير ● ذكرتم أن الرؤية الجديدة لمؤسسة الفكر العربي ستتجلى في تحويلها إلى مؤسسة بحوث ودراسات، فهل سيقتصر الأمر هنا على إعداد الدراسات، من دون تبني نتائجها وطرح المبادرات التي تقتضيها؟ ●● لا بد من التذكير أولا بأن مؤسسة الفكر العربي ليست في عداد متخذي القرار، لكنها تستطيع بالتأكيد أن تسهم في إعداد الدراسات التي يمكن لصناع القرار أن يتبنوها أو يستوحوا منها. وليس المطلوب من المؤسسة أن تتولى مهمات تنفيذية أو تطبيقية لتلك الدراسات. في ضوء هذه المعطيات ستتحول مؤسسة الفكر العربي بالفعل إلى «مركز تفكير»، أو «مركز للبحوث والدراسات»، من مهماته الرئيسة إعداد الدراسات في مختلف التخصصات المعرفية والعلمية والفكرية والتربوية والسياسية الإستراتيجية التي من شأنها أن تسهم في نهضة الأمة وتطورها من خلال الإضاءة على مواطن الضعف فيها، وما أكثرها على مستوى التعليم والتنمية والاقتصاد ورسم السياسات الراهنة والمستقبلية. وستحاول المؤسسة في مركز بحثها الجديد، ومن خلال دراساتها وبحوثها متنوعة الاختصاصات والتوجهات، أن تتخطى كل الجوانب الوصفية والتنظيرية لذاتها، إلى كل ما يندرج في إطار شروط ومتطلبات البحث العلمي، وذلك خدمة، ليس لصاحب القرار العربي على مختلف توجهاته واهتماماته فقط، وإنما خدمة للحقيقة ذاتها، مهما كانت نتائجها مؤلمة ومعقدة على الأرض. سنحاول ما أمكننا أن تطال بحوثنا ودراساتنا كل ميدان سياسي أو فكري أو اقتصادي أو تربوي عربي، وتسهم بفعالية عملية ومشهودة فيه. كما ستولي المؤسسة قضايا تعليم اللغة العربية ما تستحقه من عناية واهتمام، وهذا الاهتمام له الأولوية بين المهمات التي تضطلع بها مؤسسة الفكر العربي. باختصار، سنجتهد ما أمكننا الاجتهاد العلمي الدؤوب، في ألا يتحول أي نتاج معرفي يصدر عن مركزنا المقبل، إلى مجرد تقارير على رفوف مهملة. باتت مراكز الأبحاث والدراسات في العالم كله، جزءا لا يتجزأ من ديناميات الدول المتطورة والشعوب الحية، والأحرى بنا، عربا، أن نكون في عداد هذه الدول أو الشعوب، ولم لا في طليعتها؟ حيث لا تنقصنا، لا الإمكانات المادية ولا الطاقات البشرية. ● كيف بوسع مؤسسة الفكر العربي أن تستبدل سلطة الثقافة بثقافة السلطة؟ ●● ينطوي السؤال على مفارقة تصل إلى حد التناقض، ليس هناك استبدال بل مقارنة ومفاضلة بالنظر إلى أن سلطة الثقافة وثقافة السلطة من طبيعتين مختلفتين، إذ ليس لكلمة «سلطة».. فسلطة الثقافة تقوم على الطوعية والخيار الحر من خلال الفهم والوعي والإدراك والتبين والتمييز والتفتح.. بطبيعة الحال، سلطة الثقافة ناجمة عن الوعي بالأوضاع المحيطة وتبين أوجه التطوير والتغيير. الإفادة من ثقافة الغير ● ما هي الأداة التي نمتلكها وندير بها دفة التقدم الثقافي والفكري والإبداعي لتحقيق أوجه الحضارة التنموية للوطن العربي؟ ●● لا يمكن الإمساك أصلا بدفة التقدم الفكري والإبداعي إن لم يكن الممسك بهذه الدفة قد انخرط أساسا في لجة الفكر المحيط به، الفكر المعاصر، لكي يتمكن من الإبحار بمعرفة ودراية. ولا يمكن الانخراط في الفكر المعاصر من باب الاطلاع على الفكر الحديث أو الجديد وحده، بل إن شرط هذا الاطلاع هو الوقوف على وجوه الصلة بينه وبين الفكر التراثي ومعرفة وجوه التواصل بينهما ووجوه الانقطاع، لا عملا فقط بالحكمة القائلة «من لا ماضي له لا مستقبل له» بل من باب آخر أكثر أهمية وهو الوقوف على مباعث ذلك الوصل والفصل والوقوف على أسبابهما العلمية والمعرفية، من أجل التمكن من القيام بما يقتضيه الإبداع المعرفي؛ ولنا قدوة في ذلك ما فعلته شعوب أخرى كانت لثلاثين سنة خلت لا أكثر، في عداد الشعوب المتخلفة فباتت اليوم في مقدم دول العالم كالصين واليابان والهند وماليزيا وإندونيسيا.. ولا يمكن امتلاك الفكر الذي تنتجه الشعوب والثقافات المختلفة، في مشارق الأرض ومغاربها، منقطعا عما لدينا نحن من معرفة، وتراثنا على أية حال غني بالكنوز المعرفية التي تحتاج إلى نفض الغبار عنها وتطويرها.. هذا الدمج بين منابع المعرفة عندنا وعند الآخرين هو ما أعنيه هنا بامتلاك ناصية الفكر، أي الانخراط في الفكر العالمي والمعاصر من أجل الإسهام في التقدم العلمي والمعرفي بعامة. وهذا الإسهام هو ما تعنيه عبارة إدارة دفة التقدم الثقافي والإبداعي والفكري في سؤالك. أما الأداة التي تسأل عنها فلا يمكن امتلاكها من طريق شخص واحد أو أشخاص عدة أو حتى مؤسسة واحدة أو مؤسسات عدة، مهما بلغت من القدرة ومهما بذلت من جهود في هذا الاتجاه، بل إن امتلاكها لا يمكن أن يكون إلا جماعياً، أعني أنه ثمرة جهود يضطلع بها المجتمع بأسره، ونتيجة ثقافة تنشرها وتسهر على انتشارها الدول والحكومات، ما يتطلب تخطيطا واعيا في هذا الاتجاه عماده الأساس إرادة سياسية تضع نصب عينيها هدف المعاصرة ونقل العلوم والمعارف من الثقافات الأجنبية إلى ثقافتنا العربية، فالترجمة هي الرديف القوي للعلاقات الثقافية التي يجب أن نقيمها مع الثقافات في بلدان العالم أجمع، من أجل مد الجسور المعرفية بين العرب والشعوب الأخرى، فالترجمة هي النافذة التي يطل منها العربي على علوم العصر ليأخذ بها ويسهم في تطويرها على غرار ما فعلته شعوب ذكرت لك بعضها، كانت في عداد الشعوب المتخلفة ثم ما لبثت أن انخرطت في طليعة الشعوب المتقدمة، حينما انفتحت على علوم العصر. هذه الأداة التي تتيح لنا الإجادة في إدارة تلك الدفة، هي في حقيقة الأمر أدوات عدة، إحداها الترجمة التي تنقل إلينا ثمرات المعارف الحديثة من مشارق الأرض ومغاربها وبلغاتها الشرقية والغربية.. وهذا ما تفعله مؤسسة الفكر العربي من خلال الكتب التي تقوم بترجمتها وإصدارها في إطار سلسلة كتب «حضارة واحدة». وليس هناك ضرر من أن نستفيد من حضارة غيرنا ومن ثقافة غيرنا. نزع فتيل الفتنة ● هل تستطيع مؤسسة الفكر العربي أن ترسم خارطة طريق للمستويات السياسية والاقتصادية والثقافية، تبعا لأهميتها وأولوياتها، من شأنها ردم الهوة بين فئات المجتمع العربي، ونزع فتيل الفتنة التي تدمر بلداننا في وطننا العربي؟ ●●سيأخذ مركز البحوث والدراسات في المؤسسة على عاتقه الاهتمام الجدي والمغاير بالشؤون السياسية والاقتصادية والثقافية والمجتمعية، التي من شأنها أن تغير في الواقع القائم من خلال تقديم رؤى بديلة وطرح خيارات علمية لا بد من انتهاج طرقها لاستثمارها وتفعيلها، فانتشال المجتمعات من حالات الفقر المادي والمعرفي هي من أولويات كل باحث يتطلع إلى نهضة مجتمعه وأمته. كما أن الوعي السياسي في عملية التغيير ينبغي أن يتصف بالموضوعية والرزانة وعدم المبالغة في قراءة الواقع وميزان الطموحات وإلا انقلب الشيء إلى ضده، ووقعنا في محظور الفوضى والفلتان وانعدام الأمن وبالتالي خسارة كل شيء، وبخاصة لجهة تخريب الأوطان وتفكيك نسيجها الاجتماعي والتاريخي الذي درجت عليه منذ قرون، وذلك تماما كما هو حاصل اليوم في أجزاء طويلة عريضة من وطننا العربي. أجل، الفتنة أشد من القتل، وهي المادة التي تسمم الشخصية وتطلق غرائزها وتطفئ جذوة العقل فيها، وعندما يحصل الانهيار الإدراكي، نكون قد خسرنا كل شيء سلفا، الذات والوطن ومعنى وجودنا كله. ● تنظم المؤسسة مؤتمرها السنوي الثالث عشر، «فكر 13»، تحت عنوان: «التكامل العربي: حلم الوحدة وواقع التقسيم»، وستنطلق أعمال المؤتمر في الصخيرات - المملكة المغربية، فما هي هذه المعادلة التي تحكم واقع التكامل العربي: حلم الوحدة وواقع التقسيم؟ ●● أردناه أن يكون في عين عاصفة الحدث العربي الأكبر هذا المؤتمر، لعله يسهم من خلال تداول الأفكار والآراء لكوكبة من كبار المفكرين في رسم بعض حلول أو بارقة أمل لأزمتنا الكبرى، التي تبدو شبه مستعصية حتى اللحظة، فالعرب منقسمون على بعضهم البعض كما ليس من قبل البتة، فالحروب الأهلية المدمرة والفتاكة تعصف في بعض أقطارهم على نحو لا يهدد هذه الأقطار فحسب، وإنما جسد العالم العربي برمته. كما أن مجتمعاتنا العربية على اختلافها مهددة بنسيجها الاجتماعي والثقافي والحضاري في الصميم، وما لم يتم تدارك ما نحن فيه من خلافات عميقة، فإن الخسارة ستقع حتما على الجميع وسندفع الثمن كلنا في أوطاننا نفسها وفي أصل هويتنا وثقافتنا ومعنى وجودنا في هذا العالم. العرب مدعوون إلى التلاقي ولو على الحد الأدنى مما تبقى لهم من صلات وصل جامعة وإلا فإن البوار في انتظارهم لا محالة. فلم يعد السكوت جائزا أمام التدمير المنهجي لما تبقى من دولهم ومجتمعاتهم وشخصيتهم الحضارية، بمعناها المضيء في التاريخ وشبه الموروث اليوم. نعم نريد من خلال هذا المؤتمر أن نقاوم بالفكر أي وقائع تقسيم أو تفتيت لبلداننا ومجتمعاتنا. يحق لنا أن نحلم بالتكامل والوحدة من جديد.. لم لا؟ لا تنقصنا العناصر المؤلفة لذلك البتة من تاريخ مشترك وتراث وهوية ثقافية ولغة... الخ. وإلا، فما هو البديل؟ ما هي نتائج هذا التنازل المجاني العربي المخيف عن مفهوم التكامل غير هذا التآكل والتشظي والفناء البطيء لبلادنا وأمتنا؟ لماذا نسير بأنفسنا إلى الهاوية المرسومة لنا؟ لماذا هذه الرخاوة إزاء ضمور قوانا الذاتية، حتى لقيل بأنه لم يعد هناك من ضرورة لأن يهزم الخارج مجتمعاتنا، بل هي باتت تتكفل بهزيمة نفسها بنفسها؟ هذه بعض من أسئلة سيتم تداولها في مؤتمرنا المقبل في المغرب، وستتم الإجابة عنها ومناقشة هذه الإجابة والخروج بمرتسمات حلول تطرح أمام صناع القرار والرأي العام العربي. القمة الثقافية العربية ● متى سترى القمة الثقافية العربية النور؟ وهل تنقلب الثقافة إن لم نحسن توظيفها للمصلحة العربية العليا لتهدد أمننا وحتى وجودنا برمته؟ ●● أكثر من مرة أجاب رئيس المؤسسة عن سؤال القمة الثقافية العربية بالقول إنها تمثل قيام آلية من آليات النهوض بالأمة العربية، لاسيما في ظل مختلف التحديات التي يشهدها الواقع العربي في إطار النظام العالمي الجديد، وفي ظل ما تواجهه الأمة العربية من عوامل شقاق ونزاع سببتها الخلافات السياسية، إلى جانب التخلف عن مواكبة عصر المعرفة والمعلوماتية. لذا راهنت القمة الثقافية العربية في مرتسماتها النظرية الأولى على الثقافة باعتبارها آلية حاضنة لأقطار الوطن العربي، من شأنها إصلاح ما أفسدته السياسة من جهة، والإسهام في مواكبة العصر من جهة ثانية. تنافس مشروع بين المشاركين في الإتقان يقول هنري العويط ان المؤسسة أنشئت بمبادرة من سمو الأمير خالد الفيصل، واستجاب لهذه المبادرة رجال من ذوي النخوة الفكرية المقتدرين وراسخي الإيمان بالعمل على إنهاض الأمة، ولا سيما في هذا الزمن العصيب، وذلك من خلال البحث في مجالات التنمية الثقافية والمعرفية الشاملة، يضمهم مجلس أمناء مؤسسة الفكر العربي، وهذا هو الدور الذي اضطلعت به مؤسسة الفكر العربي منذ ثلاثة عشر عاماً. ولا يستقيم القول بالتقدم المعرفي إذا انفردت هذه الجهة أو تلك من فئات المجتمع، ولا يمكن أن تقوم به جهة بمفردها أياً كانت هذه الجهة، ومهما بلغت من قدرة وطاقات وإمكانات، حتى ولو كانت الدولة نفسها. فإما أن ينهض المجتمع بكليته وإما أن تبقى جهود أية فئة تنفرد وحدها بمهمات النهوض عقيمة تذهب من دون جدوى؛ فهذا النهوض هو ثمرة مناخ ثقافي شامل العالم العربي كله يسهم فيه جميع مكوناته. وفي مجال التنمية الثقافية والمعرفية لا مجال ولا سبيل إلى تضارب الجهود التنموية في هذا الميدان. مركز بحوث لمساعدة صناع القرار عن مجلس الأمين يقول مدير مؤسسة الفكر العربي أنشئت مبادرة تضامنية بين الفكر والمال، فهي إذن ثمرة هذا التضامن. وعلى الرغم من أن مطلق هذه المبادرة هو سمو الأمير خالد الفيصل، فإنه أوكل أمر إدارة الدفة إلى هيئات تتولى مهمات بموجب هيكلية التنظيم الداخلي للمؤسسة، حتى أن الجوائز المختلفة التي تمنحها المؤسسة لتشجيع البحوث العلمية والإبداعية في مختلف مجالات الفكر، تحمل اسم المؤسسة لا اسم رئيسها، في حين أننا نرى المؤسسات الأخرى التي تمنح جوائز مشابهة تحمل أسماء مؤسسيها.. فمجلس الأمناء هو الهيئة التنظيمية التي تضطلع بالمهمات الأساسية في مجال التضامن الذي تقوم عليه المؤسسة فإسهام السادة أعضاء مجلس الأمناء لا يقتصر على الدعم المادي، على أهميته، بل يتجاوزه إلى ما هو أكثر أهمية، إن على صعيد الدعم المعنوي، أو على صعيد الإسهام الفكري. وفي سبيل سعيها إلى فتح آفاق أرحب في مجالات الفكر والمعرفة في العالم العربي، تعتزم تحقيق انطلاقة جديدة تشمل مواضيع فكرية مختلفة عبر التأليف والترجمة والتواصل الفكري مع العوالم الثقافية الأخرى في محاولة منها لتحقيق تفاعل فكري بين العرب والعالم. منذ نهاية العقد الأول الذي كان عقد التأسيس، وبداية العقد الثاني، أي منذ أربع سنوات، بدأت الانطلاقة الحقيقية لمؤسسة الفكر العربي، حيث بدأ تحقيق معظم الأهداف التي أنشئت المؤسسة من أجلها. وسيرافق تحقيق باقي الأهداف مرونة لتطوير ما حققته المؤسسة وأول وجوه التطوير تحويل المؤسسة، إلى مركز بحوث ودراسات تسهم في مساعدة صناع القرار في اتخاذ القرارات.