هل يمكن وضع تنظيم وآلية لضبط عمل الكدادة وإبعاد الدخلاء خاصة أن معظمهم شباب والبعض منهم متقاعدون؟ هذا السؤال يطلقه العديد من الكدادة خاصة العاملين في الخطوط الطويلة، حيث يحمل كل واحد منهم قصصا من المعاناة وأخرى تحمل مشاهد وصورا من الكفاح، ويبقى القاسم المشترك الأكبر بينهم أنهم فئة تبحث عن العمل الشريف بعصامية وصبر وجلد، وتستحق كل احترام وتقدير. وفي هذا السياق، أوضح محمد الزهراني أنه يعمل في الكدادة منذ أكثر من ثمانية أعوام وذلك بعد تقاعده من عمله الحكومي، موضحا أن العمل في مهنة الكدادة مرهق ولكنه يعرف الإنسان على أخلاقيات البشر وسلوكياتهم. وقال: بدت القروض تشاركني فيما تبقى من راتبي التقاعدي، فأنا أسكن في منزل بالإيجار، وقررت الاستدانة من بعض الزملاء والمعارف، مشيرا إلى أن الديون تراكمت عليه فشمر عن ساعديه وبدأ في مهنة الكدادة، لافتا إلى أنه يسعى بكل ما يستطيع لتخفيف الحمل الثقيل عليه، ويعمل في الموقف من بعد الظهر وحتى منتصف الليل. ويحمل فلاح الشهري بعض القصص المحزنة وأخرى طريفة ويقول: في إحدى المرات أخذت أحد الركاب إلى منطقة جازان بعد أن اتفقنا على السعر، وكان معه زوجته وأحد أبنائه وعندما وصلنا إلى محافظة الليث حدث خلاف بين الزوجين وتعالت أصواتهما، على الفور طلب مني الرجل بأن أرجع بهم إلى جدة فما كان مني إلا تلبية طلب الزوج مع خصم نصف المبلغ. من جهته، أوضح فهد حيدري أنه بعد تقاعده قبل خمسة أعوام، وجد أن راتبه التقاعدي لا يفي بالتزاماته، إذ يتوزع بين القروض والإيجار، ملمحا إلى أنه اضطر للعمل على نقل الركاب ليزيد من ميزانية الأسرة، لافتا إلى أنه يتمنى أن يجد العمل الذي يكفيه عناء ومخاطر الخطوط. أما عمر الفهمي فأوضح أنه لا يزال على رأس العمل ولكن القروض أرهقت كاهله، مبينا أنه لا يبقى من راتبه سوى النصف، لذا فإنه يستغل المواسم ليوفر لأسرته متطلبات الحياة. بينما أكد الشاب غازي المالكي أنه لجأ لنقل الركاب بين جدة وأبها بعد أن فشل في العثور على وظيفة مناسبة تخلصه من السفر المتواصل على الخطوط السريعة.