على مفرق الخميس في منطقة نجران قرب مواقف النقل الجماعي، تنسج كثير من الحكايات والقصص أبطالها، عدد من السائقين الذين يعملون على نقل المسافرين، أو ما يعرفون ب«الكدادة»، من أعمار مختلفة، منهم خريج الثانوية وآخرون متقاعدون، يطاردون لقمة العيش في الخطوط الطويلة، وسط مخاطر والألم والارهاق، يلوحون بأيديهم يمينا ويسارا او سيسألونك لو مررت بجانبهم (الرياض، جدة، أبها، نجران، البلد) انتظارهم قد يستغرق الساعات طوال. والكداد مصطلح شعبي اشتق من الكد على السيارة طلبا للرزق والبعض يعرفها بمهنة من لا مهنة له. «عكاظ» تجولت في شوارع تجمعهم وأوساط مواقعهم وشاركتهم همومهم.. في البداية أوضح العم صالح بن محمد (65 عاما) أنه صعوبة الحياة دفعته للعمل على سيارته، مشيرا إلى أنه متقاعد براتب لا يزيد على 1800 ريال، لا تكفي لأسرة مكونة من 10 أشخاص، في ظل ارتفاع الأسعار والالتزامات الأخرى كفواتير الكهرباء وإيجار المنزل وغيرها من الاحتياجات. وذكر أنه لجأ ل«المكدة» متحملا مصاعبها واتعابها لتوفير رزق حلال يسد حاجة أسرته، مؤكدا رضاه بما قسمه الله له. أما محمد الهمامي (25 عاما) فقال: أعمل في مهنة الكدادة بعد تخرجي من الثانوية قبل عامين، عقب أن فشلت في العثور على وظيفة مناسبة على الرغم من طرق ابواب عدة. وبين أنه يتخذ من نقل الركاب عملا مؤقتا ريثما يرزقه الله بوظيفة حكومية، تمهيدا لتأسيس أسرة نموذجية. وذكر سالم بن نصيب (58 عاما) أنه بدأ مهنة الكدادة منذ أكثر من خمس سنوات وكانت البداية من خلال مشاوير داخل نجران والتي تعتبر من ارخص المشاوير من ناحية اسعار الكدادة في المملكة، مشيرا إلى أنه بعد ذلك تطورت هذه المهنة معه، وأصبح يوصل الركاب إلى أماكن بعيدة. وبين أنهم يواجهون من المتاعب ما الله به عليم، فبعض القصص يشيب لها الرأس، موضحا أن من أبرز المشكلات التي يعاني منها اركاب أشخاص لا يحملون هويات وأوراقا ثبوتية، والبعض الاخر لا يدفع لهم مقابل التوصيل. وقال «ومع كل ذلك نتكبد عناء السفر والانقطاع عن الأهل والمخالفات المرورية التي أصبحت هاجسا بالنسبة لنا كل ذلك لتوفير لقمة العيش وتامين مستقبل لأبنائنا وفلذة أكبادنا ليعيشوا حياة هنيئة». بينما لتحق الشاب سعيد بن علي بركب الكدادة منذ تسعة أشهر، من تخرجه من الثانوية ودراسته لدبلوم حاسب آلي، مشيرا إلى أنه بحث عن وظيفة تؤمن الرزق له ولإخوانه الخمسة إلا أنه لم يجد، معربا عن أمله في الحصول على وظيفة يقتات منها وأسرته ويساعد والده الطاعن في السن الذي انهكته الأمراض.