لقد كان ما حدث قبل أيام في بلدة (الدالوة) بالأحساء فاجعة أدمت القلوب قبل الأجسام وآلمت كل ذي لب. فقد كان لوقع الهجوم الهمجي على مجموعة مسالمة أثر علينا جميعا، فقد كان لخفافيش الظلام ضيقي الأفق ذوي النفوس المريضة دور مزعج لإسالة الدماء وإزهاق الأرواح البريئة دون وجه حق، وكانت ردود الفعل لدى المواطنين واستنكارهم للفعل الهمجي الذي لا يفعله إلا ذوو الفكر الضال، دليلا على وحدة وتعاضد النسيج الاجتماعي، ولقد تضافرت جهود المواطنين من مختلف أنحاء المملكة في السفر إلى مكان الحادث أو على الأقل الاتصال للتخفيف من وقع المصيبة، ولقد بادر المسؤولون الرسميون ومعهم المواطنون بدءا بالوفد المكي من الجنسين مرورا بوفود من مختلف مناطق المملكة بتقديم المواساة والعزاء لذوي ضحايا الجريمة الآثمة. كان لي شرف المشاركة مع مجموعة من الأصدقاء رغم تأخرنا إلى اليوم التالي للصلاة ودفن المتوفين رحمهم الله مع دعائنا بالشفاء والعافية للمصابين، ولقد فوجئنا بالاستقبال الرائع من جميع المواطنين الذين أحاطونا بما لم نتوقعه، لقد جئنا معزين ومخففين لمصاب أليم ولكننا وجدنا الابتسامة والفرح يغطي ويتغلب على ما جئنا من أجله. ومنذ دخولنا منطقة العزاء المكتظة بالمواطنين وجدنا بالصدفة أكثر من خمس مجموعات وفدت من مختلف مدن المنطقة الشرقية، بل وحتى من مناطق أخرى وقد سبقنا من قدم من مكة وجازان وغيرها، كنا نعزي الجميع فكلهم أهل وكلهم ذوو صلة بمن توفي أو جرح، ولكنهم بما شاهدوه من تعاطف وتلاحم ومشاركة وجدانية صادقة لهم لما هم فيه نسوا ما فقدوه فانقلب الحزن إلى فرح. واليوم تفاجئنا الدكتورة هتون الفاسي بخبر تكوين مجاميع من أهالي مكة وغيرهم مع أهالي الأحساء للذهاب إلى القصيم وإلى حائل لتقديم العزاء لذوي شهداء الواجب لتعرضهم لمقاومة شرسة من خفافيش الظلام عند محاولة القبض عليهم في بريدة. لقد كان المشهد الذي شاهدناه مساء السبت 15 محرم 1436ه كمناسبة عرس ضخم وجماعي اختلطت به المشاعر وتعانقت به القلوب وأعطت صورة صادقة للمحبة والألفة لهذا الوطن وللمجتمع بكل فئاته، فلنبق دائما متآلفين متحابين متماسكين لنقطع الطريق على كل عدو ومتربص يريد بنا وبوطننا الشر، فالعدو دائما يعمل من أجل الفرقة وغرس العداوة والبغضاء وشعاره (فرق تسد). محمد بن عبدالرزاق القشعمي [email protected]