تنوعت أطروحات الكتاب والمغردين والناس بمختلف أطيافهم ومدارسهم الفكرية حول وصف ما حدث في قرية الدالوة في محافظة الأحساء، والاعتداء الآثم الذي راح ضحيته 7 من أهالي القرية وعدد من المصابين، وإثنين من رجال الأمن، فمنهم من قال إنها مصيبة، وبعضهم الآخر قال إنها عمل إرهابي، وبعضهم وصفها بالكارثة، وهي فعلا كذلك. ولكني أريد أن أكتفي بمسمى جريمة لكن ليس فقط في حق أهالي محافظة الأحساء وذوي المقتولين من قرية الدالوة أو من رجال الأمن، الذين نحسبهم شهداء عند الله، بل هي جريمة نكراء في حق الوطن، فمن قتل لا يعرف من يقتل ومن قُتل لا يعرف من هو قاتله، ليس هناك عداء شخصي أو معرفة سابقة، بل عداء للوطن بمجمل مكوناته وموارده ومواطنيه. إن الهدف كان واضحا وهو قتل الوطن وروح المواطنة لدى قسم عزيز على أنفسنا من أبناء الوطن، لبث سموم الفرقة والتناحر المذهبي من خلال شرذمة اختطفت عقولهم من جماعات وقيادات لا تضمر سوى الشر لهذا الوطن وأهله، وتريد النيل من وحدته الوطنية ليسهل عليهم تنفيذ مخططاتهم الخبيثة لنكتوي بنار الإرهاب الذي عانينا منه خلال الأعوام الماضية، بسبب أفعال القاعدة ومنظريها في كهوف «تورا بورا»، ومن لف لفيفهم من أصحاب الفكر الضال، لكننا بفضل الله خرجنا منها أقوياء ومتحدين كما هو حالنا اليوم بعد هذه الجريمة، وكما أراد لهذه البلاد مؤسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وما يريده لها خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله. ولعلي هنا أود أن أقول، يا أهالي الدالوة أحسن الله عزاءكم وعزاءنا، فكلنا في هذه الجريمة البشعة ضحايا ومستهدفون من طيور الظلام التي لا تكل من عملها تحت جنح الظلام، لنشر السواد والسموم والكراهية في قلوب أبناء الوطن الواحد. لقد أضحت الصورة واضحة جلية لمن كان لا يعرفها أو يتعامى عن الأهداف الخفية لدعاة التطرف والإرهاب، فبالأمس كانوا يقولون إنهم يريدون محاربة الكافر المستبيح لبلاد المسلمين في العراق وأفغانستان، وبعدها أصبحوا يقولون نريد إخراج المشركين من جزيرة العرب، واليوم يستهدفون طائفة أخرى لاختلاف المذهب والمراجع، وغداً سيقولون نريد أن تكونوا مثلنا أو نقتلكم، كحالهم اليوم في الاقتتال الدائر بين الدواعش والنصرة. إن الرد الحازم الذي قامت وزارة الداخلية كعادتها به وسرعة المواجهة من رجال الأمن ويقظة المجتمع، واللحمة الوطنية التي تجلت في أزهى صورها بعد هذه الجريمة البشعة أسعدتنا وخففت من آلامنا ومصابنا الجلل، وطمأنت قلوبنا ورتقت شقاً أرادته هذه الفئة الضالة أن يتسع، كما أن الرد الحازم جاء قبل أن يصبح الجرح غائراً. فشكراً وزارة الداخلية وشكراً لرجال الأمن البواسل وشكراً لأهالي الدالوة وشكراً لأبناء الوطن الواحد الذين تجسدت وحدتهم وانسجامهم بمختلف مشاربهم الفكرية في مواجهة هذه الجريمة، ليثبتوا لهؤلاء المهزومين وللعالم أن الوطن هو الصخرة التي تتحطم عندها آمال طيور الظلام ودعاة الفتنة، وليس أصدق حالاً بوصفها من قول الأعشى كَنَاطِحٍ صَخرَةً يَوْماً ليوهنها فَلَمْ يَضِرْها وَأوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ والعزاء للوطن فيمن فقد من أبنائه، فهو المستهدف الأول من هؤلاء البغاة، وسيبقى الأول لديهم وإن تغيرت الشعارات والمبررات.