تعد الأسرة المدرسة الأول في تأصيل معاني الوطنية وحب الوطن وغرس القيم في نفوس الأطفال منذ الصغر، ليأتي دور المؤسسات التعليمية والاجتماعية الأخرى في مواصلة ما أسسته الأسرة. ترى سميرة العسيري (معلمة) أن السنوات الأولى التي يقضيها الطفل بمنزله في كنف والديه تعد من أكبر المؤثرات المسؤولة عن تشكيله في المستقبل لأن المنزل يعد أول مجتمع ينمو فيه الطفل ويتصل به ويستنشق الجو الخلقي منه، بل إنه ومن خلال الجو العاطفي الموجود في البيت يعتمد الطفل على والديه في أحكامه الأخلاقية وفي مده بتقاليد وعادات وأعراف مجتمعه لذا فإن للوالدين دورا هاما في تربية الطفل لا يستطيع المعلم أو أي شخص آخر أن يحل محلهما، فالمعلم قد يستطيع أن يزود الطفل بحصيلة من المعلومات تجعل منه دائرة معارف ولكنه يفتقد ما للوالدين من تأثير على اتجاهات الطفل نحو الحياة، ومن هذا المنطلق يقع على عاتق الأم مسؤولية كبيرة في غرس حب الوطن في أطفالها فأطفال اليوم هم أجيال المستقبل، مبينة أن غرس حب الوطن في الأطفال من الأدوار التربوية المنوطة بالأم كونها هي لب العمل الوظيفي الفطري الذي يجب أن تتصدى له المرأة، وهذا يعني ضرورة أن تسعى الأم إلى ممارسة دورها بشكل يحقق النتائج التي يرجوها المجتمع من تربية واتباع الوسائل التي تحبب أبناءنا على محبة أوطانهم، وتنمية هذه الروح منذ الصغر عندهم، وتعلمهم الانتماء والولاء الحقيقي لوطنهم. وترى أريج عراقي (سيدة أعمال) أن الأكثر تأثيرا في تربية للطفل هما الوالدان فهما أول من يثير اهتمام الأبناء بقضايا الوطن والتضحية من أجله من خلال الرموز التي قدمت الغالي والنفيس في سبيل الوطن، بالإضافة إلى تشجيع الأبناء على المشاركة في المشاريع التطوعية والمساعي الحميدة كتنظيف الأحياء، وتشجير الساحات العمومية والحفاظ على سلامة البيئة، وتلقينهم المبادئ الدينية والأخلاقية والقيم الإنسانية كحب الخير للغير وغير ذلك مما يؤهل الطفل تدريجيا للانتماء إلى وطنه عن طريق ربط مكتسباته الأسرية بالمكنونات المجتمعية لهويته الدينية والثقافية والاجتماعية المترابطة بدورها بالوطن وهو ما ييسر له التكيف مع مسؤولياته الوطنية. وتقول سامية الشريف (إعلامية) إن تربية الأبناء على حب الوطن من المعاني المهمة التي يجب أن يعتني بها الآباء والمربون؛ لأنه يولد عند الأبناء الولاء والانتماء والعمل المتواصل لنهضة ورفعة وطنهم، كما أنه يعلمهم أن هناك هدفا أكبر يعيشون من أجله في هذه الحياة يتعدى المصلحة الشخصية إلى المصلحة العامة كأن يقص الآباء والأمهات القصص التي تنمي روح الوطنية وحب الوطن في نفوس الأبناء، والتي تربط حب الأوطان بالإيمان واصطحاب الأطفال إلى الأماكن التي تبرز فيها الروح الوطنية، ما يعمق حب الوطن لدى الطفل منذ الصغر، وشراء الأعلام والرايات التي تبرز معنى الوطنية، وحفظ الأناشيد الوطنية مما سيكون له أكبر الأثر في تنمية الحس الوطني لديهم، إضافة إلى الاستعانة بالرسومات التي تعبر عن حب الوطن وتشجيعهم على التعبير عن ذلك الحب بالكتابة والشعر والحوار بينهم وبين الوالدين.