أسئلة حرجة وجهها متعاملون وعملاء إلى البنوك الوطنية: ماذا قدمت المصارف من إسهامات مباشرة لتخفيف العبء على المواطن .. هل اكتفت البنوك بدور محصل النقود والتاجر البسيط؟ لماذا لا تبادر هذه المؤسسات الى إنشاء مشاريع لخدمة أصحاب الحاجات والدخل المحدود؟ ما هي حدود مساهمات البنوك في المشاريع الوطنية كبيرة كانت أم صغيرة؟ هذه الأسئلة نبعت من عمق انتقادات حادة وجهها مواطنون الى البنوك ودورها، وقالوا ان ايا من هذه المصارف لم تبادر الى انشاء دار للمعاقين او المسنين والمحتاجين واستغرب المتحدثون ل (عكاظ) ما اسموه تنصل البنوك من المسؤوليات الاجتماعية مقارنة بمؤسسات مماثلة أنفقت المليارات في الخدمات الاجتماعية والانسانية في بلادها. الاحصائيات تشير إلى أن 92.5% من الموظفين السعوديين مديونون للبنوك المحلية بقروض اغلبها استهلاكية ثم قروض السيارات المنتهية بالتمليك والمنازل. عدد كبير ممن تحدثوا إلى «عكاظ» وصفوا معاملات بعض البنوك بالتلاعب والتحايل حيث تصدر بين كل فترة واخرى تحذيرات وملصقات للمواطنين تدعوهم الى عدم التجاوب مع مزاعم قدرة اصحاب الملصقات في سداد ومعالجة امر الديون والقروض ثم تعمد هذه البنوك - كما يقول المتحدثون - على مساعدة السماسرة اذ يعمل بعض منتسبي البنوك على انهاء اجراءات القروض في دقائق، كما ان بعضهم يوجهون العملاء الى مكاتب السداد بهدف الحصول على نسبتهم وعمولتهم في الصفقة. ويزيد احد المواطنين في القول «البنوك تتنافس على الارباح فقط، وآخر ما تفكر فيه هو المواطن، فضلا ان هذه البنوك تستغل حاجة المواطن في القرض الاستهلاكي بضمان الراتب حيث تصل نسبة الربح المضمون الى 100 % فالعميل لا يحصل على القرض هكذا بدون ضمانات .. بل بضمان الراتب ولولا الضمانة لما التفت اليه البنك اصلا . اما قروض المشاريع فالبنوك تتخوف منها وتضع عشرات التعقيدات والاجراءات فالبنوك يهمها فقط ضمان حقوقها ولا تعبأ بمصلحة العميل المواطن». أرباح من الرواتب يمضي ويقول ان الرقابة من الجهات المختصة على المصارف والبنوك غير موجودة اصلا والمأمول هو توحيد نسبة الارباح بين البنوك وتقييم المنتج المقدم منها فالحاصل ان كل بنك يحدد نسبة ارباحه كيفما اتفق دون حسيب او رقيب، ومن ابرز العمليات التي يستغل فيها المواطن من البنوك عملية التسديد المبكر بحيث يعمل البنك على تحديد مبلغ معين للعميل ويتم خصم القرض السابق بالعمولة المحتسبة لفترة معينة وعند التسديد تخصم النسبة كاملة. والعجب العجاب في ايداع الرواتب كما يقول فهذا امر تختص به اقسام في الادارات العليا في البنوك في جوانب تواريخ الصرف والمعروف ان وجود مبلغ كبير في ارصدة البنوك لأيام يدر عليها دخلا كبيرا تعادل المبلغ المودع احيانا. أين أنتم من هذا؟ عواض العتيبي يقول بصريح العبارة ان بعض البنوك المحلية تمتص حقوق وشقاء المواطنين حتى في الرواتب التي تودعها الجهات المختصة في حسابات العملاء حيث تبقى المبالغ الكبيرة تحت تصرف البنوك وكذا الحال للايداعات والحوالات، بمعنى ان البنوك تعتمد على المواطن في ارباحها ومع ذلك لاتقدم شيئا ملموسا للمواطنين . ويتفق على ذات الرأي عبدالرحمن الشهيب ويضيف ان البنوك المحلية لم تقدم الخدمات الاجتماعية والانسانية المأمولة للمواطن على خلاف بنوك ومصارف في العالم كل همها راحة العميل والحفاظ على مقدراته بل تنميتها إذ تشير التقارير العالمية زيادة تقدر بالمليارات في الخدمات الاجتماعية والاسهام في المشاريع الوطنية، ويخلص الشهيب الى القول (لم نسمع عن بنك محلي هنا خدم المواطن، الا اذا ضمن ربحه منه). أقسام للمسؤوليات الاجتماعية استاذ الدراسات العليا في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور صالح يحيى الغامدي يشرح ويقول ان البنوك المحلية تتنافس على اجتذاب العملاء من المواطنين وتقدم لهم عروضا مختلفة رغبة في ضمهم الى آلاف العملاء وهي بإعلاناتها وعروضها وإيداعات عملائها تجني ارباحاً طائلة تصل الى المليارات حيث تعلن عنها في الصحف نهاية سنتها المالية، وهذه الأرباح تدل على تضخم النقد وزيادة أصول تلك البنوك ولكن ترتسم في اذهان الجميع علامات استفهام بحجم التضخم في خزائن تلك البنوك دون فوائد حقيقية تعود للمواطن البسيط ما يثير التساؤل متى تبادر البنوك المحلية في دعم الفقراء والمشاريع الخيرية المنتشرة في أنحاء البلاد . الدكتور الغامدي يضيف ان البنوك المحلية هي احد اهم مكونات الاقتصاد الوطني، و يعول عليها سد احتياجات المواطن والمشاركة في تبني سياسة تفعيل الشراكة الاجتماعية مع المؤسسات الخيرية وفق برامج واضحة وآلية شفافة ورقابة صارمة لمعرفة أين وكيف تصرف أموال تلك البرامج . ولتبني مشاريع كهذه يحتم عليها أولاً انشاء ادارات «للمسؤولية الاجتماعية» تشرف عليها هيئة قانونية وشرعية يتم الإعلان عن حركتها المالية بشفافية وفق الأنظمة المتبعة حتى لا تستغل من ضعاف النفوس. وقد سبق ان نادى العديد من الخبراء والمختصين بأن تتلمس البنوك المحلية احتياجات المواطنين و المشاريع الخيرية التي تعثرت جراء عدم وجود الدعم المالي. وبالنظر لما تجنيه هذه البنوك فإننا نرى زيادة في الأرباح السنوية المعلنه الامر الذي يجعل هذه الأسئلة وتلك الانتقادات تشير الى غياب واضح لدور البنوك المحلية في سد احتياجات الفقراء و دعم المشاريع الخيرية كالإسكان وتشييد المستشفيات والعلاج وغيرها من المشاريع. ويحث الدكتور الغامدي وزارة المالية على القيام بدورها الاجتماعي وتنفيذ برامج المسؤولية الاجتماعية، وتفعيل الشراكة مع المشاريع الخيرية التي تصب في مصلحة الوطن. ويضرب استاذ الدراسات العليا مثالا بالقول ان البنوك تستطيع منح ريال واحد من حسابها مقابل كل سحب من اجهزة الصراف، لتوضع هذه المبالغ في حساب المشاريع الخيرية بعد توقيع شراكة مسؤولية اجتماعية ليتحقق بالفعل لا بالقول شعار التكافل الاجتماعي، كما أن البنوك المحلية لو اعدت استفتاء للحصول على آراء عملائها لما وجدت الا كل دعم وتشجيع للاسراع في تنفيذ شراكات المسؤولية الاجتماعية مع اكثر من جمعية وهيئة تعنى بأمور المحتاجين وتنفيذ المشاريع الخيرية، وهذا نداء سبقه نداءات لتلك البنوك للإسهام في دعم الخير لأنها بنوكنا الوطنية التي نعتز بها. ظهور إعلاني في المناسبات الخبير الاقتصادي محمد الشهري يرى ان بعض البنوك المحلية مقارنة ببعض البنوك العالمية والتي تقدم خدمات بجانب الدولة لم تقدم شيئا ويجب اعادة النظر في تأسيس البنوك والزامها بأعمال تعود بالفائدة على المواطنين حيث تعتمد أغلب تلك البنوك في تسويق اعمالها على رواتب الموظفين وتحتجزها من وقت مبكر لتقوم بالمتاجرة بها حتى موعد صرف الرواتب وهنا تكسب الملايين من حقوق الموظف، لذا وجب الزام البنوك بالمشاركة الفاعلة في التنمية من خلال دعم المحتاجين او إنشاء مراكز متخصصة لمرضى التوحد والمسنين والمتقاعدين وبعض المراكز التي يحتاجها المواطن. ومن جانبه ويعتبر سلطان العتيبي (مصرفي في احد البنوك المحلية) ان المبالغ التي تضخ في خزينة البنوك كل عام مبالغ كبيرة تعد بالمليارات ولكنها لا تخدم المواطنين فالبنوك تظهر فقط في بعض المناسبات وهذا الظهور ليس لخدمة المواطنين ولكنها تبحث عن مردود مادي والدعاية والاعلان بينما المتابع لهذا الدعم يعلم ان المردود لا يساوي ما تربحه البنوك في يوم واحد. ويؤكد عبدالله القثامي مسؤول سابق في أحد البنوك ان الحقيقة التي يجب ان يعرفها الجميع ان في محيط بعض البنوك سماسرة يعملون على تسويق القروض على المواطنين في اسرع وقت ويتضح ذلك جليا في الاعلانات والملصقات على اجهزة الصراف.. الممولون مطالبون بالشفافية في الإعلان عن المنتج ● عكاظ (مركز المعلومات) القروض العقارية التي قدمتها البنوك إلى الشركات والأفراد خلال الربع الثاني من العام الحالي ارتفعت إلى 134 مليار ريال، مقابل 123 مليارا خلال الربع الأول. وأوضح تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي، أن القروض العقارية التي حصل عليها الأفراد بلغت 84 مليار ريال، بنسبة زيادة قدرها 32 % عن العام الماضي، إذ لم تسجل سوى 63 مليار ريال فقط. وفي مقابل ذلك لم يتحرك مؤشر القروض الاستهلاكية بقوة خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، حيث بلغ حجمها حوالى 333 مليار ريال مقابل 332 مليارا في نهاية عام 2013. وأشار التقرير إلى أن القروض الاستهلاكية وصلت إلى حوالى 272 مليار ريال بنهاية عام 2012، في حين لم تكن تزيد على حوالى 190 مليار ريال في نهاية عام 2008. وواصلت قروض بطاقات الائتمان تسجيل طفرة كبيرة حيث ارتفعت إلى 9.4 مليار ريال بنهاية الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة ب8.4 مليار ريال في نهاية الربع الأول، يأتي ذلك مقابل سقف إجمالي راوح بين 7 و8 مليارات ريال فقط خلال السنوات الخمس الأخيرة. ووفقا لتقارير غير رسمية فإن إجمالى المتعثرين عن سداد القروض للبنوك لا يزيد على 60 ألف مواطن. وصدرت مؤخرا ضوابط للقرض الاستهلاكي منها التأكيد على مبادئ الشفافية والإفصاح في الإعلان عن المنتجات وتسويقها من قبل جهات التمويل، بما في ذلك وضع حد أدنى للبيانات الواجب توافرها في عقود التمويل الاستهلاكي مع تقديم ملخص لعقد التمويل يتضمن معلوماته الأساسية بلغة واضحة، بالإضافة إلى وضع معايير لطريقة احتساب معدل النسبة السنوي (ATR) وهو مؤشر متعارف عليه دوليا للإفصاح عن التكلفة الفعلية للتمويل ويدخل في حسابه كافة التكاليف والرسوم الإدارية، وذلك بهدف تمكين المستهلك من معرفة التكلفة الفعلية للتمويل ومقارنة أسعار المنتجات المختلفة بسهولة وشفافية. ومن بين أبرز ما تضمنته الضوابط المحدثة أيضا التأكيد على حقوق المستفيد بتعجيل سداد المتبقي (السداد المبكر) من مبلغ التمويل دون تحمل كلفة الأجل عن المدة المتبقية من العقد مع وضع حد أقصى للتعويض الذي تستحقه جهة التمويل في مثل هذه الحالات. ملصقات الصرافات مخالفة لثلاث مواد من نظام البنوك ● عكاظ (مركز المعلومات) يستخدم محتالون تقنيات الأجهزة الذكية والوسائط الالكترونية والاعلانات الخيالية في الايقاع براغبي القروض، من مواطنين ومقيمين، ويستخدم هؤلاء وسائل خداع غير مسبوقة، مثل تشغيل اصوات نساء تدعي القدرة على معالجة مشاكل المديونيات واستخراج قروض جديدة في وقت قصير، وتنتشر الملصقات على اجهزة الصرافات الاتوماتيكية واشارات المرور. وطالب متعاملون مع البنوك او من وقعوا ضحية لمثل هذه الاصوات الجهات المختصة بمحاسبة ومعاقبة المحتالين، مشيرين الى انه برغم التحذيرات فإن الاعلانات المذكورة تتزايد يوما اثر آخر ما يعني ان هؤلاء في مأمن من الملاحقة والمتابعة. وكان الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية ذكر في وقت سابق ان الملصقات والإعلانات التي يدعي أصحابها القيام بسداد القروض وتمويل المشاريع، تعد مخالفة صريحة لنظام مراقبة البنوك للمواد (الثانية والخامسة والثالثة والعشرين) من النظام التي حددت الجهات التي يحق لها ممارسة الأعمال المصرفية بما في ذلك العقوبات المترتبة على مخالفة ذلك. وأضاف: إن هذه الإعلانات والملصقات تجد رواجا وقبولا عند بعض أفراد المجتمع رغم مخالفتها الصريحة، موضحا أن مبررهم في ذلك هو الحاجة لسد عجز في الملاءة المالية، وعدم القدرة على السداد أو أن جهات التمويل النظامية كالمصارف ترفض الإقراض بسبب ضعف السجل الائتماني، مؤكدا: وليكن الأمر كذلك فإن ذلك لا يبرر لجوءهم إلى تلك القنوات غير النظامية باعتبارها مخالفة للنظام من جهة، وقد تنطوي على عمليات احتيال ونصب مالي من جهة أخرى أو على عمليات تبييض الأموال.