رغبة في التسلية وتغيير الصوت فقد الكثير من الشبان أرواحهم دون إدراك منهم أن آخر ما استنشقوه كتب النهاية الحتمية، ودون وعي يحاول تقليدهم ويسير على خطاهم آخرون دفعهم الفضول وحب التجربة لاستنشاق غاز «الهيليوم» للدخول في حالة هستيريا مصحوبة بنوبة ضحك تنتهي بالموت. ورغم وفاة الكثيرين من الشبان والمراهقين جراء استنشاق الغاز الخطر إلا أنه لا يزال متوفرا على أرفف المحلات التجارية ويمكن الحصول عليه بسهولة، ما يتطلب وقفة جادة من قبل الجهات المعنية لمنع تداوله وقصر بيعه على المواقع المتخصصة وتنظيم حملة توعوية لمختلف شرائح المجتمع تبين خطورة استنشاقه كونه يؤدي إلى الاختناق مباشرة. وفي هذا الإطار، قال أحد مجربي غاز الهيليوم من الشباب رفض ذكر اسمه، دفعني لتجربة استنشاق غاز الهيليوم مقاطع الفيديو المنتشرة في اليوتيوب وفي وسائل التواصل الاجتماعي والتي تشجع على التجربة بغرض التسلية والضحك. وأضاف: بمجرد أن يستنشق الهيليوم يشعر المستخدم بالدوار وحرارة في الجسد وتخدر أجزاء من الوجه وضيق في التنفس بسبب نقص الأكسجين في الجسم، مشيرا إلى أن بعض المستخدمين يصابون بالإغماء كونهم استنشقوا كمية كبيرة من الغاز. ويرى عبدالعزيز الخلف، أن الحل الأمثل لمحاربة استنشاق الهيليوم يكمن في توعية المراهقين والشبان بخطورته عليهم والعمل على منع بيعه وتداوله بين صغار السن خاصة أن الحصول عليه في غاية السهولة كونه متوفرا في معظم المحلات التجارية. وأضاف: إذا بقي الغاز متوفرا كما هو الوضع حاليا فإن معدل الوفيات الناتجة عن استنشاقه سيزيد وخاصة بين صغار السن ممن يجهلون خطورته ويستخدمونه بغرض التسلية والضحك وتغيير الصوت. وانتقد عبدالرحمن وخالد السعدي، انسياق الشبان خلف الفضول وحب تجربة كل ما يشاهدونه على موقع اليوتيوب أو وسائل التواصل الاجتماعي دون النظر للمخاطر التي تصل في بعض الأحيان إلى الوفاة. وأشار إلى ان انتشار استخدام «الهيليوم» بين صغار السن والمراهقين يعود لعدم وجود التوعية اللازمة بالمخاطر فضلا عن حب التقليد. وأضاف: لابد من محاربة استخدام هذا الغاز القاتل من خلال منع بيعه في المحلات التجارية. واشتكى عبدالرحمن الحايطي من غياب الرقابة من قبل الجهات المعنية على المحلات التجارية والأسواق لمنعها من بيع الهيليوم على المراهقين وصغار السن، مطالبا بفرض عقوبات رادعة على المحلات التي تبيعه على الشبان نظرا لأن ضرره أكبر من نفعه. ووصف نايل الحوراني «الهيليوم» بأنه من أخطر الغازات التي قد تؤدي بحياة مستنشقه خاصة أنه يحل مكان الأكسجين الهام في عملية التنفس ما يؤدي إلى الاختناق والوفاة، مشيرا إلى أن الهيليوم عبارة عن عنصر كيميائي لا لون له ولا رائحة وعديم الطعم ويستخدم في نفخ المناطيد الضخمة والبالونات وتعبئة القداحات، وهو أخف من الهواء ولا يحترق أو ينفجر ويمكن خلطه مع الأكسجين والنيتروجين لملء اسطوانات التنفس الخاصة بالغواصين. ورغم الاستخدامات العديدة الإيجابية لهذا الغاز إلا أن الشبان أصبحوا يستخدمونه بغرض التسلية والضحك. وأضاف: يؤدي استنشاق الهيليوم إلى تغير صوت الإنسان ويصبح حادا وعالي الدرجة من النعومة والجهار معا ويكون أشبه بصوت المزامير وذلك لأن سرعة الصوت في الهيليوم أعلى بثلاث مرات من سرعته في الهواء العادي ما يؤدي إلى زيادة تردده عند وصول موجات الصوت إلى الهواء، مشيرا إلى أن الدراسات العلمية الحديثة أثبتت وجود أضرار جانبية عديدة تنتج عن استنشاق الهيليوم. من جانبه، قال استشاري السموم في الإدارة العامة للخدمات الطبية بوزارة الداخلية المقدم الدكتور صلاح المنشاوي، إن التسمم بواسطة الغازات يعتبر إحدى المشاكل التي تواجهها المجتمعات في العصر الحالي، ومن أشهر تلك الغازات شيوعا غازي الهيليوم والبيوتان. وأضاف: يستخدم غاز الهيليوم في تعبئة البالونات ويمكن استخدامه في تغيير الصوت حيث يعطي نبرة صوت مضحكة لكن من الممكن أن تحدث حالة وفاة عند استنشاقه بشكل نقي كونه يستبدل غاز الأكسجين الموجود بخلايا الدم الحمراء ومن ثم يسبب الاختناق وتوقف التنفس وبالتالي تحدث الوفاة. ويضاف إلى الهيليوم غاز البيوتان المستخدم في العديد من الصناعات كتعبئة القداحات واسطوانات الغاز، وقد سجلت عدة حالات وفاة لأشخاص صغار في السن في منطقتي الدماموحائل بسبب استنشاق ذلك الغاز. وذكر بأن غاز البيوتان يعمل بذات الآلية في التسمم، حيث إنه يرتبط مع الهيموجلوبين بدلا من الأكسجين ويسبب الاختناق والوفاة. ويعتبر من أكثر الغازات إساءة للاستخدام في العالم حيث إنه متوفر في أكثر من موقع ورخيص الثمن وفي حالة إساءة استخدامه فإنه يعطي تأثيرا بالنشوة والعظمة والهلوسة ويشابه تأثيره نشوة الحشيش، وتعتبر خطورة غاز البيوتان في أن هناك فاصلا دقيقا جدا بين التركيز الذي يحدث النشوة والتركيز الذي يؤدي إلى حدوث الوفاة. من جهته، أوضح المتحدث الإعلامي لمديرية الدفاع المدني بمنطقة حائل الرائد نافع بن عليان الحربي، أن مديرية الدفاع المدني بالمنطقة حذرت من خطورة استنشاق غاز الهيليوم الموجود ببعض البالونات الهوائية، وفرق الدفاع المدني رصدت تصرفات خاطئة من قبل بعض الشباب حول استنشاقه لغرض التسلية وتغيير الصوت، مشيرا إلى أن استنشاق الهيليوم يؤدي إلى الوفاة أو إصابة الجهاز التنفسي بمضاعفات خطيرة غالبا، داعيا إلى تضافر الجهود لنشر خطورة تلك التصرفات، ومسؤولية الأسر تجاه أبنائها، وعدم تمكينهم من التجارب التي تضر بصحتهم.