كشفت الإحصائيات تجاوز عدد ضحايا الحوادث في المملكة خلال العقدين الأخيرين 86 ألف شخص، وذلك الرقم يفوق عدد ضحايا حروب الأرجنتين، وحرب الصحراء الغربية، وحرب الهند وباكستان، وحرب الخليج، وحرب نيبال الأهلية، وحرب استقلال كرواتيا التي بلغ مجموع ضحاياها 82 ألف شخص، ما يجعل المملكة في صدارة الدول التي تشهد حوادث سير. وذكرت الإحصائيات أن معدل الوفيات في حوادث الطرق في المملكة 17 شخصا يوميا، أي وفاة شخص كل 40 دقيقة، كما بلغ عدد المصابين أكثر من 68 ألفا سنويا، وزادت الخسائر المادية على 13 مليار ريال في السنة. «عكاظ» استطلعت آراء عدد من الشباب حول أسباب تزايد الحوادث، فأجمعوا أن القيادة بتهور واستهتار والتفحيط من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الحوادث والوفيات. وطالب التربوي عزيز القرني باستئصال ظاهرة التفحيط حتى لا يزيد عدد ضحاياها حماية للأنفس والمال والممتلكات، معتبرا فترة الاختبارات بيئة خصبة لممارسي هواية التفحيط حول أسوار المدارس التي قد تغيب عنها دوريات المرور ولو لوقت وجيز بالرغم من جهود رجال المرور في مكافحة هذه الظاهرة السيئة التي أزهقت أرواح شباب غاب عنهم التفكير السليم. ووصف علي عسيري المفحط بالإنسان غير السوي، لأنه يبحث بطريقة غير مباشرة عن الموت، معتبرا المفحط قاتلا لنفسه ولغيره، لافتا إلى أنه لا ينسى رؤيته مصرع شاب كان يمارس التفحيط ولم يتمكن من السيطرة على مقود مركبته فارتطم بعامود إنارة ليلقى حتفه بعد أن انشطر جسده إلى نصفين في منظر لا يغيب عن مخيلته إطلاقا بحسب قوله. وأرجع التربوي طارق باحسن ممارسة التفحيط لدى بعض الشباب إلى حب الوصول إلى الشهرة وإطلاق الألقاب عليهم والاستعانة ببعض مواقع الإنترنت عن طريق أعوانهم لعمل الإعلانات الترويجية للمفحطين ومواعيد الزمان والمكان لممارستهم التفحيط. ووصف باحسن هذه الشهرة بالساذجة «فأي شهرة هي التي تجعل منك قاتلا أو مقتولا وأي شهرة التي تترك وراء ممارستك للتفحيط فقد أسرة لأحد أعمدتها أو إعاقته أو التسبب بتلف الممتلكات وإزعاج الآخرين ومخالفة النظام». بدوره، أفاد الأخصائي النفسي والتربوي محمد العنبري بأن المفحطين يعانون خللا نفسيا ويجب أن يزودوا بجرعات من البرامج الإرشادية تهدف إلى المصالحة مع أنفسهم واستغلال طاقاتهم الكبيرة وفراغهم فيما يعود عليهم بالنفع وتوعيتهم بحجم خطورة التفحيط ونهايته المؤلمة. واقترح إنشاء المعارض المصورة في مختلف المناطق عن حوادث التفحيط وعدد ضحاياها من المتوفين أو من المعاقين وتنظيم زيارات مجدولة للشباب لزيارة هذه المعارض التي توضح مدى خطر وعواقب ممارسة ظاهرة التفحيط في نفوس الشباب وذلك أسوة بمعارض مكافحة التدخين التي نتج عنها إقلاع عدد كبير من المدخنين عن هذه العادة السيئة. بينما أعلنت الإدارة العامة للمرور عن دراسات تجرى لإقرار أحكام تعزيرية صارمة ورادعة لمعاقبة ممارسي التفحيط للقضاء عليها نظرا لتزايد الظاهرة المرتبطة بحوادث مأساوية استهدفت فئة الشباب من خلال تنظيم جديد يتيح لدوريات المرور أساليب جديدة في التعامل مع هذه المخالفة التي لم تعد مرورية فحسب بل إنها تجاوزت ذلك لتصبح مخالفة أمنية أيضا بعد قيام أغلب المفحطين بإخفاء أرقام وأحرف بعض لوحات المركبات، لذلك يتم الاستعانة بالمرور السري بواسطة أكثر من مركبة لإيقاف المفحطين الذين لا يستجيبون لنداءات رجال المرور لإيقافهم حينها بالقوة الجبرية.