النفط يعوض خسائره ويرتفع في التعاملات الآسيوية المبكرة    هواوي تدعم تحوّل الذكاء الرقمي خلال مشاركتها في مؤتمر "ليب 2025"    مصرف الراجحي يعلن عن شراكة مع منصة محايد للتوثيق والحوكمة القانونية    ثبات محمد بن سلمان    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    توقيت نومك.. يتحكم في مزاجك    خانا وطنهما واستباحا الدماء والأعراض.. تنفيذ القتل في مواطنَين    الاتحاد في اختبار التعاون    نائب أمير مكة يطلق 179 مشروعاً تعليمياً في جدة ومكة    انطلاق منافسات "LIV Golf الرياض" بمشاركة نخبة لاعبي الجولف عالميًا    مستشفى سعودي يحصد المرتبة ال 15 عالمياً ويتصدر منشآت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    الشهري مديرًا للإعلام    مدن جديدة لإنتاج وتسويق البن والفواكه.. خارطة طموحة للأمن الغذائي بمنطقة الباحة    أخضر تحت 20 يواجه إيران ودياً    رونالدو: حلمي امتلاك عدة أندية    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عن سمو ولي العهد.. أمير منطقة الرياض يتوج الفائزين في مهرجان خادم الحرمين الشريفين للهجن    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    تحالف مجري للاستثمار التقني في المملكة    الرديني يحتفل بعقد قران نجله ساهر    آدم ينير منزل شريف    أسرة العلواني و آل المبارك وآل دعيسان يَتلقَون التَعازي في فقيدتهم "خيرية"    إزعاج من الصف المجاور    الموت يغيب الفنان صالح العويل    تراث الأحساء كنز أصيل يبهر العالم    إطلاق معرض «آرت نهيل» لدعم الحرفيين    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    رعي الحفل الختامي لمسابقة التحفيظ .. أمير الرياض: القيادة تهتم بالقرآن الكريم وحفظته والقائمين عليه    النزاهة مفهوم عصري    مفتي عام المملكة يستقبل المشرف على وحدة التوعية الفكرية بجامعة الملك فيصل    خلال لقاء وزير خارجيتها ورئيس الوزراء محمد مصطفى.. مصر تطالب بتمكين السلطة الفلسطينية وإدارتها لغزة    خبراء يعالجون «سمكة» مكتئبة    «الصحة»: إحالة مدعي الطب البديل لجهات الاختصاص لمحاسبته    رفقاً بمحاربي السرطان    حسام بن سعود يعتمد نتائج جائزة الباحة للإبداع والتميز    هيئة فنون الطهي تنظّم مهرجان ثقافة الطعام    تكريم عراب التدوين القشعمي بملتقى قراءة النص    الاتفاق يتلقى خسارته الأولى أمام الرفاع البحريني في دوري أبطال الخليج للأندية    تطوير قطاع النقل الخليجي يخفض انبعاثات الكربون حتى 40%    قاعدة: الأصل براءة الذمة    منصات التوصيل النسائية تنافس تطبيقات المشاوير    مركز القرار.. السياسة الإنسانية الحصيفة تنشر السلام    معادلة السعودية «الذهبية»    اللجنة المشتركة لتحديد الاحتياجات التنموية لليمن تعقد اجتماعها ال22    التأسيس عز وفخر    الترجمة تلاقح ثقافي بين الحضارات    الجابر يدافع عن البليهي ويستنكر ما حدث من جمهور الهلال    فلسطين.. من رسالة المؤسس إلى رسالة المجدد!    قليلاً من العقل يا فخامة الرئيس    أمر ملكي يعزز النزاهة ويعيد المال العام    صفحة بيت    بنوكنا: نعتذر عن تنفيذ الخدمة!    الهلال بلا إعلام !    إقامة ورشة عمل حول " توسيع أفق بحوث العلاج في أمراض الروماتيزم " الملتقى العلمي الدولي ٢٠٢٥    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد القوة الخاصة للأمن البيئي بالمنطقة    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    بيئة حيوية    بقعة زيت قلبت سيارتها 4 مرات.. نجاة ابنة المنتصر بالله من الموت    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خفافيش الظلام يتسللون للحدود

لا تهمهم المعاناة ومخاطر العبور، المهم أن يصلوا إلى هدفهم، وهدفهم هنا اجتياز الحدود والدخول إلى المملكة مهما كلفهم الأمر. يعرفون أن الموت هو الاحتمال الأقرب عند محاولة تسلل حدود دولتين، ويعلمون أن الطرق وعرة، والجبال قاتلة، والوديان قد تغرقهم، والثعابين قد تقتلهم، ومع ذلك يصرون على الوصول بكافة الطرق، والأغرب أن بينهم نساء ورضعا وأطفالا وشيبة لا يقوون على الصمود والترحال، ولا يملكون قيمة قوت السفر.
صادفت متسللا سبق أن وصل إلى مملكتنا لأكثر من 36 مرة، وفي كل مرة يقبض عليه يعاد ويرحل، سألته عن السبب في تكرار الوصول رغم علمه بأن النهاية ترحيل، أجاب ساستمر في الدخول، لا أمان ولا استقرار في بلادنا ونحن نفر من اجل الحياة.
أما ابراهيم محمد، فقد كان صريحا معنا، عندما طالبنا بالتوسط لإطلاق سراحه من أيدي رجال حرس الحدود، معترفا أن تسلله من اجل البحث عن العمل، وعلى الرغم من تكرار القبض عليه لكنه مصر على مواصلة مشواره في اجتياز الحدود صباحا ومساء، لم يعد يهتم لعواقب تسلله المهم أن يحقق هدفه.
وثالث تجاوز الستين من عمره وضعف بصره ويتوكأ في مشيته على عصا، ومع ذلك حاول تجاوز الحدود إلا انه تم القبض عليه، وقال: لست بسارق وهدفي الدخول إلى المملكة بحثا عن عمل، امنحوني فقط عدة أشهر بعدها سأعود من حيث أتيت، فانا اعرف مكة المكرمة وجدة، عشت فيها زمنا وتعرفت على بعض الأسر، وعملت لديهم، وكلما سنحت لي الفرصة سواء متسللا أو معتمرا توجهت الى تلك الاسر، عشت بينهم فترة من الزمن كحارس عمارة أو مزارع، وكل قرش اجمعه أرسله إلى أبنائي في اليمن والذي لا يطول بعدي عنهم اكثر من عام واحد.
حتى الأطفال لم يسلموا من التسلل، حيث كان الطفل حسن احمد 7 سنوات بصماته، بعد القاء القبض عليه برفقة جدته لامه 58 عاما أثناء محاولتهما اجتياز الحدود معرضين أنفسهما للخطر، قال الطفل «طلبت مني جدتي أن أرافقها إلى السعودية ولكن العسكر مسكوني أنا وجدتي، لا اعرف معنى التسلل أو الذي تقولون عليه الدخول إلى الحدود بطرق غير نظامية أنا جئت إلى هنا مع جدتي».
ولادة في الصحراء
بعد رصد العديد من حالات التسلل، واجهنا العميد عبدالله بن محفوظ الناطق الإعلامي بحرس الحدود في منطقة جازان، فأكد أن جميع قطاعات حرس الحدود بالمنطقة تتصدى لظاهرة التسلل الذي ليس له وقت أو مكان، وجميع منسوبي حرس الحدود صامدون امام هذه الظاهرة التي تتنوع فيها أساليب التسلل، بعضهم يحفر الرمل من تحت أسوار السور الشائك، وبعضهم يلجأ إلى قص السور الشائك وآخرون يتسلقون الجبال، وبعضهم يسلك الأودية حتى وهي مغمورة بالمياه، معرضين أنفسهم للخطر، ولكن رجال حرس الحدود دائما وفي كل الأوقات بالمرصاد للمتسلل والمهرب والخارج عن القانون، وساهم في ذلك ما وفرته الدولة الرشيدة، فسمو وزير الداخلية يسعى دائما إلى جلب مختلف الأجهزة الحديثة لقطاع حرس الحدود من اجل تامين الشريط الحدودي، ليس فقط في المنطقة الجنوبية بل في كافة مناطق المملكة الحدودية.
خبرة في التعامل
فيما يقول العقيد صالح البشري قائد قطاع العارضة في حرس حدود منطقة جازان: رجال حرس الحدود مدربون على التعامل مع مختلف الظروف والأجناس وأصبحت لديهم الفطنة ويعرفون مسالك المهربين والمتسللين، ولديهم خبرة في التعامل مع كل واقعة، ومعظم المقبوض عليهم يأتي طلبا للرزق ولكنه يجتاز الحدود بطرق غير مشروعة وأكثر ما يحزننا هو القبض على كبار السن من الرجال والنساء والأطفال الرضع، وأحيانا نواجه مواقف نحزن فيها وبالذات عندما يقبض على امرأة توشك على الولادة، ولأننا في منطقة خلوية اضطر بعض من رجالنا للتدخل لمثل هذه المواقف وتوليد أكثر من حالة، فيما نسعى جاهدين لتأمين الحليب وحفائظ الأطفال، مبينا أن البصمة كشفت الكثير من الجرائم.
مشروع ضخم
النقيب أحمد الكناني قائد مركز جلاح، أشار إلى تضاؤل أعداد المتسللين وأعاد السبب إلى السلك الشائك وشق الجبال والاجهزة الحديثة ويقظة الرجال البواسل وقبل ذلك توفيق الله، جميعها أسهمت في معالجة التسلل والتهريب، وقال: مشروع السياج الأمني الحدودي مشروع ضخم وله ايجابيات، وكل من يضبط يخضع لتطبيق نظام البصمة بعدها تتم إعادته من حيث أتى، ومشكلة التسلل تعتبر من اكبر المشكلات التي يواجهها رجال حرس الحدود البواسل، ومع ذلك إحصائيتنا تؤكد أننا عازمون على التقليل من هذه المشكلة.
نهاية رحلة «العسل»
ولا يتوقف القبض على المتسللين فقط في قطاع الطوال فجميع قطاعات حرس الحدود تشكل مجموعة واحدة في التصدي لكل عابث بامن بلادنا وحدودها، ففي قطاع العارضة كانت مجموعة كبيرة من اليمنيين وجنسيات مختلفة من القرن الأفريقي بعضها يستعد لترحيله، والآخر ينتظر دوره في تسجيل بصمته، فيما تعالت أصوات الأطفال الرضع يشتكون الجوع وحرارة الطقس التي لازمتهم على طول المسافة.
أم علي حليمة، من الجنسية الصومالية كانت تحتضن رضيعها الذي لم يتجاوز العام، وصفت رحلة قدومها إلى المملكة برحلة الموت، قالت فقدت ابن اختي في البحر بعد أن غرقت بنا المركبة وحملتنا قدرة الله إلى النجاة وبواسطة احد القوارب وصلنا إلى عدن، حاولنا الحصول على قوت يومنا لكن البعض قال ليس أمامكم سوى عبور الحدود إلى السعودية هناك العيش أفضل، وبدأت المشوار بتنقلنا بين محافظات وقرى اليمن حتى وصلنا إلى الحدود السعودية من جهة الجبال، تخفينا عن اعين رجال حرس الحدود وعندما غابت الشمس وحل سواد الليل وانتصف الظلام اجتزنا الجبال إلا أن رجال حرس الحدود السعودي اكتشفوا امرنا واقتادونا إلى هنا، لم يصرخوا في وجوهنا ولم يلطموا خدودنا بل أطعمونا وسقونا الماء ووفروا لأطفالنا الحليب والحفائظ وقالوا لنا فقط ستبصمون وستعودون إلى دياركم دون أي خوف.
وتضيف حسنا، وهي ام لرضيعة قائلة: جئت إلى هنا برفقة زوجي وطفلتي وبنت خالتي حليمة، فررنا من ضيق العيش والمصاعب والتعب ورأينا مع اطفالنا الموت من اجل الوصول إلى هنا والآن سنعود إلى ديارنا دون أن نحقق هدفنا الذي تحملنا من اجله الكثير.
سيد شيخ فارع، وصف محاولة اجتيازه للحدود السعودية بالمغامرة خاصة وان احدهم قد حذره بأنه ربما يلقى حتفه إذا اكتشف أمره ولم يتوقف لرجال حرس الحدود، يقول: في عدن التقيت مع بعض معارفي وفيها سمعنا عن امكانية اجتياز الحدود السعودية، وأمام ضيق العيش في اليمن اتفقنا وقررنا تجاوز حدود السعودية ليلا، مررنا بالعديد من الصعاب وواجهنا الموت خاصة مع أصوات الرضع التي كنا نكتمها حتى لا يفتضح امرنا، ولم ننجح، لكن أكثر ما أراحنا أن السلطات السعودية لم تؤذنا، بل وفرت لنا المأكل والمشرب وحاليا نستعد لركوب الحافلات من اجل العودة إلى وطننا.
عبدالجبار احمد، قبض عليه أثناء عبوره الحدود برفقة قريبه منصور ابراهيم ومعهما كمية من العسل قال عنها عبدالجبار بأنه جلبها لبيعها على السعوديين المعروف عنهم حبهم للعسل وبالذات هذا النوع من العسل الذي يجلبه معه بين الحين والآخر عبر الحدود، ولكن هذه المرة وكما يقولون انكسرت الجرة وقبض عليه رجال حرس الحدود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.