صاحبي قيمة وسيمة لا يتخلى عن أناقته (حتى وهو في سابع نومه) له قامة فارعة ممتدة وسمنة تترقرق أكسبته ثباتا على الأرض وطار منها بخفة دم فائضة، كلما ألتقي به أجد ظرفا وحكايات مليئة بالقفشات التي تملح مجلسنا، بالأمس جاءني سائلا: - هل الحمام الإفرنجي حرام؟ ولأني أعرف تماما أنه سيحول جوابي إلى موقف مضحك، لم أجبه، فوقف كعادته رافعا (كرشه) بيده اليمنى ومقلبا كوفيته بيده اليسرى وملحا في السؤال: - بالله قلي الحمام الإفرنجي حرام؟ فنفرت فيه ضاحكا: إش قصتك اليوم؟ فأسكت من كان بالمجلس وأخذ يرجوهم لسماع قصته، فصمت الجميع، وأمسك صاحبي بكرشته وقلب طاقيته وأخذ يحكي: - كانت عندي جلسة في المحكمة انتظرتها طويلا، واليوم كان الموعد فذهبت أسبق موعدي بزمن يسير وعندما جلست مستعدا ومنتظرا (حامت) بطني وشعرت أني على وشك الانفجار، فأسرعت لدورة المياه وبعجلة دفعت باب الحمام وانتصبت داخله لأكتشف أن الحمام (عربي) أوقف حكايته وأخذ يضحك ويقول: - أنتم تعرفون أن آخر عهدي بالحمام العربي أيام (النغرة) فأنا لا أقدر على الجلوس. ثم أطلق ضحكته الريانة قائلا: الحاصل... وجدت نفسي في مأزق يا ما أسويها في النغرة أو أسويها على نفسي. وبعد تفكير قررت زيارة (النغرة) العربية بعد زمن طويل من الهجران، المهم (انفجرت) وطرطشت الدنيا كعلبة مشروب غازي تم (خضه).. وتوقف عن الحكاية وانطلق في ضحك متواصل، كنا نظنه يضحك (على الطرطشة) لكنه تمالك ضحكاته وقال: لا ما سوف تسمعون هو المضحك أولا لم أجد ماء في الحمام وثانيا لم أستطع النهوض. وغمرنا بضحكة طويلة ثم أكمل: أخذت أفكر كيف يمكنني التخلص من هذا المأزق وبعد تفكير عميق وأنا مرمي على تلك (النغرة) قلت لنفسي: لا بد من التضحية بالشماغ أو بالشراب.. واخترت الشراب وحولته إلى أنشوطة (رايحة جية) ونهضت متعلقا بالسيفون وأنا أدعو الله أن لا ينكسر.. وخشية من أن تعفر (الرائحة) المكان غادرت المحكمة على عجل وضاع الموعد.. سؤالي: - هل الحمام الإفرنجي حرام؟ كانت الضحكات المتعالية تغطي على أي جواب.