أخبروها أن الليل سيكون هادئا، فلن تحبل بطفل تستيقظ لإرضاعه وتبديل حفاظاته، لن تحتاج إلى سرد قصص النوم المملة على مسامعه، سيكون خاليا من بكائه المزعج خلال اليوم، تقبلت القرار وهي تتشبت بيد زوجها، وأثناء عودتهم للبيت طلبت منه أن يعرجا على محل مستلزمات أطفالٍ ومكتبة، استغرب لكنه لم يشأ أن يكسر بخاطرها، عادا للبيت بعدما اشترت لحافا صغيرا فضيا وسرير أطفال بأسوار خشبية، كتبا صغيرة، ألوانا وحزما كثيرة من الورقِ الأبيض. ومن حينها وهي تجلس إلى مكتبها كل ليلة، ترسم صورة لطفل له ثغر والده الصغير، لون عينيها الزرقاوين - تزيد اللون الأزرق هنا قليلا حتى تصبحا أجمل - و شعر جده المجعد الذي منحته اسمه أيضا، كل مساء ترسم صورته وتمنحه تفصيلا جديدا، سنا جديدة تبرز، شعره يطول أكثر.. وقبل أن تخلد إلى النوم تضع الصورة المرسومة على السرير ذي الأسوار الخشبية، تلفها باللحاف الفضي، وتحرص على أن تظل رسمة الأنف والفم غير مغطاة، حتى لا يمنع صغيرها من التنفس فيختنق، تجلس قرب السرير وتحكي له حكاية من كتاب الأطفال المطرز برسوم أحصنة ذات أجنحة.