وقد وصفه المؤرخون فأثنوا عليه خير الثناء وأورد أنور الجندي في كتابه (نوابغ الفكر الإسلامي) عن ابن تيمية : أن الشيخ ابن تيمية قال للسلطان الناصر بعد أن سافر إلى مصر ليقابله لو قدر أنكم لستم حكام الشام واستنفركم أهله وجب عليكم النصر. ثم قال : إن الشيخ ابن تيمية درب الفقهاء على الرمي وعلمهم الفروسية، وطرق القتال المختلفة. وقال أنور الجندي : إن الشيخ ابن تيمية حارب الروافض في جبل كسروان بلبنان وكان من أشجع الناس قلبا وكان إذا ركب الخيل يجول في العدو كأعظم الشجعان فلا يخاف الموت وقد رأى الناس منه في فتح عكا صورا من الشجاعة يعجز من شاء وصفها أن يصفها. وقال الجندي : ففي معركة شقحب التي جمع فيها التتار جموعهم وزلزل الناس زلزالا شديدا قاتل هو وجماعة من أصحابه وكان يهرول بين الصفوف ويدعم المجاهدين ويشرف على إرسال النجدات .. حتى أذن الله بالنصر .. ولما عمت الانتصارات عاد الشيخ ابن تيمية إلى كتبه ودروسه قائلا : إنما أنا رجل مِلة لا رجل دولة. وقال الحافظ الذهبي أيضا في «الدرة اليتيمة في السيرة التيمية» : وعني الشيخ تقي الدين بالحديث ، ونسخ جملة، وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن ، ثم أقبل على الفقه ، وقرأ أياما في العربية على ابن عبد القوي ، ثم فهمها وأخذ يتأمل كتاب سيبويه حتى فهمه ، وبرع في النحو وأقبل على التفسير إقبالا كليا حتى سبق فيه ، وأحكم أصول الفقه ، كل هذا وهو ابن بضع عشرة سنة، فانبهر الفضلاء من فرط ذكائه ، وسيلان ذهنه ، وقوة حافظته وإدراكه ، ونشأ في تصون تام ، وعفاف وتعبد ، واقتصاد في الملبس والمأكل. وقال القاضي أبو الفتح ابن دقيق العيد : لما اجتمعت بابن تيمية ، رأيت رجلا كل العلوم بين عينيه ، يأخذ ما يريد ويدع ما يريد، فقيل له : فلم لم تتناظرا؟ قال : لأنه يحب الكلام، وأحب السكوت. وحضر عنده شيخ النحاة أبو حيان الأندلسي، وقال فيه : ما رأت عيناي مثله. ولما جاء السلطان إلى شقحب موضع قرب دمشق والخليفة لاقاهما إلى قرن الحرة ، وجعل يثبتهما، فلما رأى السلطان كثرة التتار، قال : يا خالد بن الوليد ، فقال ابن تيمية : قل : يا مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين . وقال للسلطان : اثبت فأنت منصور، فقال له بعض الأمراء قل : إن شاء الله . فقال : إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا ، فكان كما قال. وكان فيه قلة مداراة وعدم تؤدة غالبا ، ولم يكن من رجال الدول ، ولا يسلك معهم بتلك النواميس ، وأعان أعداءه على نفسه بدخول في مسائل كبار! لا يحتملها عقول أبناء زماننا ولا علومهم، كمسألة التكفير في الحلف بالطلاق، ومسألة أن الطلاق بالثلاث لا يقع إلا واحدة ، وأن الطلاق في الحيض لا يقع.. السطر الأخير : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «العلماء ورثة الأنبياء».