بعيدا عما كتبه «الهاكرز» على الصفحات الرسمية لبعض الوزارات؛ لأن المقال لا يناقش ما تطرق له من قضايا فردية، ليس لأنها بلا قيمة «معاذ الله»، بل لأن هناك قضية أكبر من هذه القضايا الفردية. قلت: بعيدا عما كتب على الصفحات الرسمية للوزارات، أظن وليس كل «الظن إثم» أن «الهاكرز» الذين اخترقوا المواقع الرسمية لوزارة العدل ووزارة الخدمة المدنية والحساب الرسمي لرئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، ما هم إلا هواة ومبتدئون في هذا المجال، إذ إن «الهاكرز» المحترفين لا يعملون بهذه المجالات بحثا عن «الشو» أو لعب دور البطل والسارق في آن واحد. «فالهاكرز» المحترفون يعملون باتجاهين متناقضين تماما، فإما يعملون لمصالح الجهات الاستخباراتية بالدول كموظفين تدفع لهم رواتب كبيرة لحماية الأسرار أو لاختراق أسرار الدول الأخرى، وثمة من يعمل بشكل فردي فتدفع له البنوك والشركات عشرات ألوف الدولارات ليختبر لهم القدرات الأمنية لمواقعهم الرسمية ومكامن الضعف، أو يعملون كسارقي أموال أو مستندات وأسرار الدول لبيعها لدول أخرى بالملايين، وعادة هؤلاء المحترفون يشتغلون بالخفاء أيا كان عملهم. من هذا التفسير أو الظن بقدرات «الهاكرز»، وأنهم مبتدئون ومع هذا استطاعوا بسهولة اختراق مواقع الوزارات، يبزغ سؤال مفاده: هل هذا هو مشروع «الحكومة الذكية» لخدمة المواطن الذي تحدثت عنه الوزارات، إذ يمكن «لهاكر» مبتدئ اختراقه والعبث فيه بسهولة؟ كنت فيما مضى حين أذهب للمواقع الرسمية للوزارات بحثا عن معلومات أو للتأكد من أخبار نشرتها الصحف أو المواقع، لا أجد ما يساعدني على التأكد من صحة الخبر، فأحيل الأمر بأن المواقع الرسمية للوزارات لا تهتم بالأخبار والمعلومات، وأن جل اهتمامها منصب على إنجاح مشروع «الحكومة الذكية» لتسهيل الأمور على المواطنين. اليوم وأنا أشاهد هذه الاختراقات من «هاكرز مبتدئ» يبحث عن «الشو» لمواقع الوزارات أو ما يسمى «الحكومة الذكية»، أتساءل: هل على «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد نزاهة» أن تعد العدة من الآن لتضيف قسما جديدا للفساد، وتغير مسماها ليصبح «نزاهة لمكافحة الفساد المالي والإداري والإنترنتي»؟ لست أدري؟.