تبقى صورة فرانك لامبارد في الملاعب الإنكليزية أجمل وأنقى من صورة أي لاعب آخر، قدم كرة جميلة في «البريميير ليغ» وباقي البطولات الأوروبية، حين يحكى عن أن لاعبا ما، تربى كرويا واحترافيا، في ناد معين، ثم ما لبث أن تركه بسبب عرض مالي أفضل، يحرق قميصه سريعا من قبل «ألتراس» الجماهير. حصل ذلك مع الأوروغواياني لويس سواريز عند انتقاله من ليفربول إلى برشلونة، ومع الإسباني سيسك فابريغاس عند انتقاله من أرسنال إلى برشلونة أيضا، ومع مواطنه فرناندو توريس عند انتقاله من ليفربول إلى تشلسي، لكن لامبارد نجا من ذلك، نتيجة الوفاء الذي قدمه، ولا يزال، إلى ناديه. ومن المهم لفت النظر إلى أنه لم يكن يشجع انتقاله إلى الدوري الأمريكي للعب مع نيويورك سيتي، لكن إدارة «البلوز» تخلت عنه، وقد حصل الطلاق بالتراضي، ثم جاء العرض من مانشستر سيتي. فكر لامبارد مرتين، من أجل مشاعر جمهوره فقط، ثم رضي بالواقع، وقبل بالعرض ليبقى في إنكلترا، صار لاعبا لمانشستر سيتي، ولأن في الحياة كما في كرة القدم قصصا درامية كثيرة، أبى القدر إلا أن يكون لامبارد من أقسى كاتبيها، في أول مباراة ضد فريقه الذي لعب له 13 عاما، سجل أول أهدافه مع سيتي في مرمى حارس تشلسي البلجيكي كورتوا تيبو، معادلا النتيجة 1-1. وقف لامبارد مكانه، ورفض الاحتفال، لم يكن ليخطر في بال أحد ما يمكن أن يحصل لأحد جماهير تشلسي «المجنونين به» لأن لامبارد، نجمه السابق سجل الهدف، انهار المشجع الأوغندي فهد موسى إثر الصدمة، ومحاولات إنقاذه في المستشفى كانت من دون جدوى. العقلاء من المشجعين، وقفوا في نهاية المباراة في مشهد أكثر من رائع من قبل الاثنين، هم ولامبارد، يتبادلون التصفيق والتحية، اعترف لامبارد بأنه شعر بمشاعر مختلفة بعد إحرازه الهدف، وقال: «لقد كانت لحظة صعبة بالنسبة إلي، هكذا هي كرة القدم»، كان المشهد أقوى من أن يعانده شيء، حفرت دموعه بطيئا على خديه أثناء غناء الجماهير له. تضاربت المشاعر، لكن هذا ما يفعله اللاعب المحترف، ما إن تسنح الفرصة أمامه، أيا كان الخصم، حتى يسجل الهدف. مظلوم لامبارد من هذه الناحية تحديدا، وكأن إنجازاته مخبأة، إلا من أراد أن يبحث عنها عكس الباقين الذين تتولى وسائل الإعلام المهمة نيابة عنهم، لاعب وسط يسجل 211 هدفا في الدوري الأقوى في العالم، انتشر هذا الرقم بعد رحيله، علما بأنه تلقى سابقا عروضا سخية كثيرة، رفضها، لأنه لم ينس لحظة تحقيقه إنجاز انتقاله إلى تشلسي واللعب بجوار الإيطاليين روبرتو دي ماتيو وجانفرانكو زولا والفرنسي ديدييه ديشان، الذي ما إن اعتزل حتى أخذ مكانه أساسيا. منذ زمن، وزخم الإعلام لم يعد يعنيه شيء. ويبدو أن إدارة تشلسي وقعت بهذا الفخ، فسقطت في امتحان التجديد له من عدمه. لا يعيد لامبارد الفضل في تألقه الذي لم ينته مع وصوله إلى ال 36 عاما إلى أحد، بنى نفسه بنفسه، وجعل جميع من يتابع الكرة، يدرك بوضوح لا لبس فيه أن موهبته ومستواه تبقى في تحسن مستمر. أسطورة فريق وماكينة متكاملة لممارسة كرة القدم، صار من الناحية الكروية والأخلاقية، قدوة في الملاعب. كثر هم من رحلوا أو أخرجوا في تشلسي، لكن «أسد لندن» سيبقي زئيره مسموعا في «ستامفورد بريدج» حتى لو عاد ومزق الشباك مرة أخرى.