صحيح أن جدة تم إنقاذها من سكتة مرورية بفضل تلك الدعامات من الجسور والأنفاق وإلغاء إشارات لتحقيق أطول مسافة ممكنة من السيولة المرورية، لكن المشكلة لا تزال قائمة. المشكلة لم تعد في قلب جدة أو محاور محددة، وإنما في معظم الشوارع والطرق حتى أقصى أحياء الشمال ناهيك عن الجنوب، وأينما ذهبت لا بد وأن تقع في مصيدة الازدحام، فالحاصل أن مشاريع الأنفاق والجسور في الاتجاهات الأربعة حققت سيولة في نقاطها العلوية والسفلية، لكنها ضيقت على الخط الفرعي الذي يخدم اليمين واليسار والدوران للخلف، وهذه الاتجاهات الثلاثة الأخيرة الحركة فيها كبيرة ولا تقل تقريبا عن حركة الجسر أو النفق، ما أحدث حالات جمود في كثير من هذه المواقع، خصوصا أوقات الذروة، ونادرا ما توجد متابعة ميدانية لهذه النقاط الصعبة، ولا نكاد نرى أثرا لتدخل الدوريات المرورية وسياراتها التي نراها ضمن مشهد الزحام مع أرتال السيارات الواقفة. في مواقع أخرى، نجد هذه المشاريع قد عالجت الزحام على مدى محورين أو ثلاثة دون توقف، وهذا جيد ومقدر، لكنها رحلت الأزمة إلى ما بعدها من مواقع، وبالتالي ما تقطعه السيارة في دقائق قليلة تتعطله أضعافا مضاعفة في مواقع أخرى تالية، ما تسبب في حوادث مرورية نتيجة للسرعة والانتقال في مسافة قصيرة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ليتمكن السائق من تغيير السير في الاتجاه المعاكس، حيث تصب الجسور كل الحركة المرورية إلى نقاط صعبة تستغرق الإشارة فيها وقتا طويلا لعدم وجود مخارج إلا من شوارع فرعية وحارات ضيقة لا تعرف لها اتجاها وتصبح في ورطة جديدة داخلها. كورنيش جدة وأبحر الجنوبية شواهد على حجم الأزمة، وأصبح فيها السير على الأرصفة الجانبية أو القفز فوق الجزر الوسطى مشهدا عاديا يزيد الإرباك المروري، وأصبحت الأرصفة في أبحر الجنوبية موقفا للسيارات تحت نظر دوريات المرور التي لا تحرك ساكنا. أيضا على جسر الميناء رغم اتساعه يهوى البعض السير على كتف الشارع، ما يتسبب في العديد من الحوادث، وكأن الطريق أصبح ملعبا، والسبب غياب المراقبة، ألا يمكن وضع كاميرات لمراقبة السير والمخالفات ومعاقبة المتجاوزين. أما طريق الحرمين فحدث ولا حرج عن الزحام والاختناقات دون مخارج، ولا ندري بعد كم من السنوات سينتهي هذا الأمر. السؤال هنا: لماذا لا يتم ربط الطرق والمواقع التي تعاني من هذه الفوضى والاختناقات بكاميرات لمتابعة الزحام أولا بأول، وتوجيه الدوريات القريبة، إلى جانب نشر كاميرات أكثر لساهر، فأهل المرور أدرى بشعابه من الطرق وأوضاعها والحالة المرورية عليها. والمشاريع على أهميتها ليست وحدها كل الحلول وآخر الرجاء، فالتخطيط والتنسيق وتقنيات المتابعة والتوجيه هي المفتاح الأهم على الأقل حاليا.