يزعم الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور المعروف بفلسفته التشاؤمية أن الحياة شر مطلق فهو يرى الحياة كلها بل الوجود كله شرور وأحزان ومشقات وآلام وليس في الوجود كله خير قط وإن الشر والشقاء والتعاسة هي جوهر الحياة وحقيقة الوجود وهذه الأشياء هي الجانب الإيجابي في الحياة أما ما يسمى بالسعادة أو اللذة أو الخير أو غير ذلك فليست أمورا إيجابية بل هي أمور سلبية بمعنى أن السعادة ليست إلا سلب الآلام واختفاء الشقاء أو التخفيف منه قليلا ومن ثم فلا وجود لشيء اسمه السعادة أو اللذة ولكن هناك شقاء وتعاسة وآلاما قد تكون شديدة وقد تخف قليلا أو كثيرا فيسمي الناس هذه الحالة سعادة أو لذة، وقد ردت عدة أسباب لتشاؤمية شوبنهاور ومنها العقدة التي سببتها أمه بعد وفاة أبيه ومعاناته منها بسبب تحررها مما أدى إلى عزوفه عن الزواج إلى أن مات وتشاؤميته. بالتأكيد بأن الحياة كلها ليست شرورا لكن مصطلح الشر أو فعل الشر الذي نراه مؤخرا على تسجيلات مواقع التواصل الاجتماعي من اعتداءات جسدية من آباء لأبنائهم بالحرق والكي أو مدرسين لتلاميذهم بالضرب المبرح يدعونا للتساؤل عن كمية الشر والحقد المتداول في عالمنا وما هي أسبابه. لقد رأى أفلاطون أن هناك طرقا قليلة لعمل الخير غير أن هناك طرقا لا تحصى لعمل الشر ومن هنا فإن الشر قد يكون له تأثير أكبر على حياتنا ولذلك هناك فلاسفة (مثل برنارد غارث) يرون أن منع الشر أهم من دفع الخير بواسطة صياغة قوانين أخلاقية وقواعد سلوكية. الشر نسبي في الأخلاقيات العالمية يرتبط بثقافة المجتمع، نحن نرى في الإجهاض شرا مطلقا ومحرما لكن في دول أخرى ترى الإجهاض حلا لعدة مشكلات أسرية وفيما ترى دول في الثورات مطالبة للحرية ودول أخرى تراها إرهابا وتوحشا. ولكن «اليو تيوب» وما نشاهده مؤخرا عليه بكل لغات الدنيا وثقافتها ودياناتها مرفوض من تعنيف وإجرام في حق أطفال لا ذنب لهم ولا قدرة للدفاع عن أنفسهم فجميعنا نطالب بمحاكمة الرجل الذي أحرق رأس ابنه وسكب عليه «كلوركس وفلاش»، هذا الفعل من قبل الأب هو التعريف الدقيق لمفهوم الشر.