على ذمة وكالة (رويترز) فإن خبيرين، من جامعة أكسفورد وستانفورد، قالا إن العنف المنزلي، الموجه أساسا إلى النساء والأطفال، يقتل من البشر أكثر مما تقتل الحروب. وغالبا ما يغض الناس الطرف عن هذا العنف الذي يكلف الاقتصاد العالمي ما يزيد على ثمانية تريليونات دولار سنويا. وحثت دراسة الخبيرين (المفاجئة والمفجعة) الأممالمتحدة على أن تولي اهتماما أكبر بالانتهاكات المنزلية التي تلقى اهتماما أقل من الصراعات المسلحة. أيضا قالت هذه الدراسة إن حوالى 290 مليون طفل يعانون من استخدام العنف أثناء عملية التأديب في البيوت طبقا لبيانات صندوق الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف). وقدرت أن الانتهاكات غير الفتاكة ضد الأطفال تهدر 1.9 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في الدول ذات الدخل المرتفع، وما يصل إلى 19 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في أفريقيا جنوبي الصحراء حيث يشيع (التأديب) العنيف. وبطبيعة الحال فإن هذه الأرقام أو (الخسائر) تنتج عن تكاليف العلاج والمراقبة والإيواء والتقاضي الناتجة عن ارتكابات العنف المتزايد داخل الأسر وفي التجمعات البشرية بمختلف أشكالها واعتباراتها. وما لم تنقله الأخبار التي اطلعت عليها عن هذه الدراسة المهمة، هو ارتفاع وتيرة وحدة العنف المنزلي في هذا الزمان، الذي يفترض أن يكون أرق وأكثر عاطفة نظرا لما يتمتع به الناس من وسائل الكفاف والراحة. لكن في ظني، والظن ليس مقياسا علميا، أن التمايز المعيشي والطبقي داخل المجتمع الواحد هو أبرز أسباب هذا العنف، إذ إن رب الأسرة حين ينظر حوله يجد متطلبات استهلاكية، ضرورية وكمالية لاحصر لها. وحين لا يستطيع تلبيتها تشتد عليه الضغوط النفسية التي يفرغها في الأقل قدرة على مواجهة ضغوطه: زوجته وأطفاله. وقد يصدق الأمر، بشكل أقل، على ربة الأسرة مع أطفالها. وهذا هو ما يفسر من وجهة نظري تزايد قيمة فاتورة (العنف) على مستوى العالم وفي الاقتصادات المحلية، سواء في الأطراف الغنية منه أو في الأطراف الفقيرة. العادات الاستهلاكية المتفجرة حول هذا العالم هي المسؤول الأول والأخير حيال الأزمات البشرية الحديثة، عند من يمارس العنف ومن يقع عليه هذا العنف، فكلاهما ضحية توحش رأس المال في عالم اليوم.