بعد «حرب الخمسين يوما» يواجه أهل غزة مهمة قد تبدو مستحيلة، وهي إعادة بناء ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية، فضلا عن خلافات حركتي حماس وفتح التي يبدو أنها ستكون المعوق الرئيس لإعادة الإعمار وعودة ربع سكان القطاع من المخيمات. غزة المنكوبة بفعل آلة القتل والتدمير الإسرائيلية، تحتاج حسب تقديرات الخبراء إلى مساعدات من الخارج بمليارات الدولارات، في الوقت الذي تواجه فيه قيودا من سلطات الاحتلال على دخول مواد البناء والإعمار.. ليس هذا فحسب بل إن الخلافات التي بدأت تدب مجددا في الجسد الفلسطيني بين فتح وحماس والاتهامات المتبادلة باتت تهدد حكومة الوحدة الوطنية، وهو ما يصعب من مهمة إعادة الإعمار ويزيد من تفاقم الأوضاع المأساوية في القطاع. لقد حول العدوان الإسرائيلي غزة إلى حطام، فبيوتها ومصانعها وطرقاتها تحولت بفعل القصف العنيف برا وجوا وبحرا إلى ركام وأكوام من المخلفات التي بدأت تفوح رائحتها بفعل شدة الحرارة. هذا الوضع المؤلم، أصاب وزير الخارجية النرويجي بورج بريند الذي زار القطاع هذا الأسبوع بالصدمة، ما دفعه إلى القول «تبدو بعض المناطق في غزة على نحو لا يصدق بما يكفي كما لو أن زلزالا ضربها». وقالت السلطة الفلسطينية، إن إعادة البناء تحتاج إلى 7.8 مليار دولار، وهو ما يمثل مرتين ونصف إجمالي الناتج المحلي للقطاع، منها 2.5 مليار دولار لإعادة بناء المنازل و250 مليون دولار لقطاع الطاقة. وأيا كانت التقديرات والمبالغ المطلوبة لإعادة البناء، فإن مؤتمر المانحين الدوليين الذي سيعقد في القاهرة في الثاني عشر من أكتوبر المقبل، يدرك منظموه والمشاركين فيه، أن التكلفة اللازمة لإعادة الوضع إلى ما قبل العدوان عالية جدا. وأدى العدوان الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة واستمر 51 يوما إلى استشهاد نحو 2160 فلسطينيا وإصابة 11 ألفا آخرين، وتدمير أكثر من 17 ألف منزل بشكل كلي و40 ألف منزل بشكل جزئي، إضافة إلى أضرار جسيمة بالبنية التحتية ومنها محطة الكهرباء التي كانت تعمل بنصف طاقتها، وبفعل القصف والعدوان لا تعمل إلا بنحو 6 % من طاقتها.