قال عدد من الخبراء في شؤون الحركات الإسلامية ل«عكاظ»، إن خطر ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية لم يعد متموضعا في سورياوالعراق فقط، بل أخذ في التوسع إقليميا في ظل تدهور الحالة الأمنية في المنطقة. وأكدوا أن التصدي لهذا الظاهرة بات يتطلب تحالفات وتفاهمات إقليمية ودولية. وحذر الخبراء من خطورة التعاطي مع هذه الظاهرة في العراق دون سوريا. وأفاد الخبير في شؤون الحركات الإسلامية حسن أبو هنية، أن التصدي ل«داعش» يتطلب من الولاياتالمتحدة إعادة النظر في استراتيجيات مكافحة الإرهاب التي اتبعتها منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر لإيجاد حلول أكثر فاعلية في التعامل مع هذه الظاهرة المعقدة. وطالب بمضاعفة الحملات الأمنية والعسكرية على المدى القريب، وتبني منهجية مقاربة تكاملية وشمولية، وتفكيك الإطار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الحاضن لهذه الظاهرة، ودعا إلى دراسة أسباب بروز هذه الظاهرة والسعي إلى تفكيك المنظومات المنتجة لهذه الجماعات، بالإضافة إلى تعزيز العمل الأمني والعسكري لمواجهة خطرها. واعتبر أبو هنية، أنه لا توجد حاليا استراتيجية محددة لمواجهة داعش في العراق، وأن الاستراتيجية الأمريكية التي تعتمد على الضربات الجوية وقوات البيشمركة قد تضعف التنظيم الإرهابي لكنها لا تقضي عليه. ورأى أن الآلية المثلى في القضاء على داعش تتطلب تزامن العمل العسكري مع السياسي، بمعنى أنه يجب أن يتغير النظام الطائفي في العراقوسوريا لأن هذا الفضاء الجيوسياسي متصل ومترابط، بمعنى أنه لا يمكن إحداث تغيير من خلال مهاجمة تنظيم داعش في العراق دون ضربه في سوريا أيضا. من جهته، قال الباحث في شؤون الحركات الإسلامية ماهر فرغلي، نحن أمام جيل جديد من تنظيمات القاعدة والتنظيمات الحليفة، معتبرا داعش أحد هذه التنظيمات المتطرفة ضمن شبكة القاعدة التي تدار لا مركزيا. ولفت إلى أن هذا الجيل من التنظيمات ينتمي إلى دائرة أوسع في التكفير والحكم بالردة المغلظة، حتى أن رئيس اللجنة الشرعية لداعش أبو القاسم الأصبحي، قام بتكفير أيمن الظاهري، وبالتالي نحن أمام جيل جديد يقفز على استراتيجيات القاعدة، ويسعى إلى التخلص من التموضع الجغرافي في منطقة محددة والانتشار في مناطق متعددة لخلق فوضى شاملة في العديد من أرجاء الوطن العربي. ورأى أن مقاومة هذا التنظيم تتطلب عدة خطوات، وفي مقدمتها بناء حكومة وحدة وطنية في العراق والتأكيد على عدم تهميش أو إقصاء أي من الطوائف، وتشكيل قوات عسكرية وطنية وإحلال الميليشيات الطائفية، ومواجهة تمرد هذه التنظيمات من خلال بناء تحالف إقليمي بين الدول العربية المهددة بشكل مباشر وعلى رأسها دول الخليج ومصر والأردن لدعم الضربات العسكرية المتوقعة. بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات الدكتور محمد بن هويدن، أن التصدي لخطر داعش يتطلب إرادة دولية وإقليمية قوية، وأن لا تكون هناك مصالح سياسية فردية، محذرا من وجود أطراف تسعى لأدوار خفية وغير واضحة في توجهاتها. وشدد على ضرورة التحرك السريع في هذا الشأن نظرا لتمدد فكر داعش، والذي لم يعد مرتبطا جغرافيا بالعراقوسوريا بل وجد له بيئة حاضنة في عدة مناطق أخرى في ظل حالة الإنفلات الأمني التي تعاني منها بعض الدول العربية. وأفاد، أن التأخر في حسم القضية السورية والإغفال الدولي عن إزاحة نظام الأسد ساهم في توسع نشاط التنظيمات المتطرفة، وتأججت هذه الحالة بشكل واضح نتيجة السياسات الطائفية والإقصاء والتهميش، وهي سياسات خاطئة يجب الابتعاد عنها في المرحلة المقبلة. وأكد ابن هويدن، أن الحل العسكري في مواجهة داعش هو الخيار الأول، ولكن مع هذا الخيار لا بد أن تضاف بدائل أخرى لمعالجة هذه الظاهرة التي لم تعد بالمنطقة، بل امتدت إلى دول كثيرة في العالم.