قد يجادل البعض في حقيقة انتصار تحققه مقاومة قالوا عنها عبثية وبصواريخ قالوا عنها بدائية على خامس جيش في العالم تحول خلال الخمسين يوما الماضية إلى رابع جيش بتطوع المئات من الغربيين المتعصبين المتصهينين، وبفتح مخازن السلاح الغربي، الأمريكي تحديدا، لتعويض ما يستخدمه في هدم المهدم من أبنية غزة بصواريخه العالية التقنية البالغة الدقة في استهداف الأطفال والنساء لعجزه عن رصد أمكنة المقاومة الكامنة تحت الأرض التي تزلزل قدميه، انهزم الجيش الذي لا يهزم، وكان في مخيلتنا فقط أنه لا يقهر. سيجادل آخرون في تهور حماس وباقي فصائل مقاومة غزة، وأقول لهم الآن يمكنكم محاكمة الفصائل جميعها، لكن لم يكن من المروءة فعل ذلك أثناء المعركة وأثناء انسكاب الدم ووقت المحرقة، وهي فحوى رسالة وزير خارجيتنا للعالم عندما وقف ودافع عن حق حماس في المقاومة. الآن يمكنكم نصب المشانق لهؤلاء المندفعين المتهورين، لكن قبلا ألقوا نظرة، من الذي الآن يحاكم، كل الإعلام الإسرائيلي يحاكم النتن ياهو وقد يخسر منصبه، كل صحف (إسرائيل) حسنا سأقول معظمها تقول له إنها حرب عبثية، معظم صحف العالم سخرت من الجيش الذي لا يقهر، وخسرت (إسرائيل) كثيرا من رصيدها عند الرأي العام العالمي، لم تعد صحف العالم تقول إنه إسراف في استخدام القوة أو إنه عقاب جماعي، قالت بصريح العبارة إنها حرب عدوانية، ولا تنسوا الصحيفة الألمانية التي نشرت أكذوبة خطف وقتل الثلاثة الإسرائيليين كسبب للحرب. لم تكن القضية أبدا مناصرة حماس أو أي فصيل مقاوم، كان الحديث دوما عن حق المقاومة، مقاومة المحتل، حق تكفله شرائع السماء والأرض، لم يكن الحديث عن إخوانية حماس أو عدوانية الجهاد الإسلامي، هذه فصائل سياسية قد تخطئ وقد تصيب، إنما الحديث كان عن حصار بجانب الاحتلال، حصار قصد منه التجويع والتركيع والإذلال وإملاء الشروط، وبسببه كان يموت كثيرون، حصار امتد لسبع سنوات عجاف من عمل عربي أو دولي يخفف آثار الحصار. ولمن يجادل في معنى الانتصار أقول، لكل حرب أهدافها الاستراتيجية، وقد أعلنت (إسرائيل) أهدافها، نزع سلاح المقاومة وإسكاتها وهدم جميع الأنفاق، وأعلنت المقاومة هدفها بفك الحصار، فماذا تحقق، لم ينزع سلاح ولا هدمت جميع الأنفاق، أكثر من هذا تحققت معظم شروط المقاومة، تمنعت (إسرائيل) بداية ثم رضخت، تخفيف الحصار تبدل إلى رفعه، تأجيل فتح المطار سقط، لم تسلم المقاومة أسماء الأسرى بل اشترطت إطلاق أسراها ومحرريها السابقين. نعم تحقق كل هذا بثمن غال ومرتفع، لكن من قال إن الحرية والكرامة بدون ثمن؟.