كنت ممن هلل لخبر نشر سابقا أشار إلى وزارة العدل بأنها شكلت مندوبين للتحقيق حول صكوك مزورة تم نقضها خلال العام الماضي، بعد تلقي الوزارة توجيهات عليا بملاحقة قضاة أحيلوا للتقاعد ثبت لاحقا تورطهم في تزوير صكوك أثناء تواجدهم على رأس العمل القضائي. وأن الوزارة أكدت بأنها ستبحث عن المتورطين سواء كانوا قضاة أو كتاب عدل وضبط، لإحالتهم إلى الادعاء العام لمحاسبتهم خاصة أن من بين الصكوك التي يتم التحقيق بشأنها صك بقيمة أكثر من مليار ريال، تورط فيه قاض متقاعد، وسبق إحالة الصك لمحكمة الاستئناف، وثبت تزويره وشطبه، فضلا عن صكين آخرين لأراض واسعة بجنوب مكة تورط في تزويرهما كاتب عدل وقاض متقاعدين كل على حدة. وأجدني الآن متمنيا أن تفتح ملفات الصكوك جميعها ذات المساحات المهولة والتي ابتلعت البلد حتى جعلت الأراضي المتوفرة للسكن ضئيلة وفي بعض المدن الكبيرة غير متوفرة مما أسهم في تأخر تنمية تلك المدن لعدم توفر الأراضي لإقامة المرافق الحيوية. ومع أني أدعي متابعة وسائل الإعلام وما تنشر كنت متشوقا لمعرفة ما رشح عن تشكيل مندوبي وزارة العدل والنتائج التي وصلوا إليها، فإيجابية النتائج تخلق لدى الناس تفاؤلا بأن الفساد مهما استشرى ستكون عاقبة فاعليه وخيمة.. فمقولة عثمان بن عفان (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) أثبتت صلاحيتها ومصداقيتها عبر الأزمان التي عبرتها، فهي تجسد الطبيعة البشرية الفاسدة التي لا يوقف جنوحها سوى العقوبة، فالإنسان يخشى من الراهن ويؤجل خشيته من الموعود به على أمل أن يتحلل منه أو يؤمل بالمغفرة من الله. وحين تم إنشاء حساب تحت مسمى (إبراء الذمة) كان حسن الظن قائما من أن هناك من سيندم على اختلاساته وسرقاته للمال العام وأنه سيندم ويعيد ما سرق من غير أن يعرف به أحد إذ تكون توبته هي التي قادته لإعادة المسروقات أو الاختلاسات لكن واقع صندوق (إبراء الذمة) يكشف لنا أن قلة ممن استيقظ ضميرهم وأعادوا ما اختلسوه من المال العام بينما مضى الكثير منهم بمسروقاتهم من غير أن يهتز لهم خافق أو يتبادر لأذهانهم ما سيلقونه من عذاب جراء ما اقترفوه. وتطبيق مقولة عثمان بن عفان رضي الله عنه لها أثر فاعل في أي عملية إصلاحية وتطبيقها يستوجب اجتثاث الفساد من الجذور وهو ما يقتضي أيضا مراجعة كل العمليات التي أفرزت فسادا وتطبيق العقوبة بأثر رجعي مع منح وزارة العدل فرصة تعقب المفسدين والمراجعة فالأمر يغدو واجبا في تتبع ومراجعة كثير من عمليات الاختلاس أو التدليس أو الرشوة أو التفريط في المال العام... وكانت الأمنية أن تنهض بهذا الدور هيئة مكافحة الفساد إذ إن بمقدورها أن تعمد لأداء هذا الدور وتنقية الأجواء الراهنة من أبخرة ودخان الماضي... لكن ذلك لم يحدث وأن تنهض وزارة العدل بهذه الخطوة فهي تؤسس لمراجعات يجب أن تقوم بها كل الوزارات. [email protected]